كاليغرافيا الفنانة الايرانية باراستو فوروهار
رؤيا سعد
يفسر عالم النفس السويسري ( كارل يونج ) فكرة استغلال الفضاء النفسي فيقول ( إن أولئك الذين لا يتعلمون أي شيء من الأحداث غير السارة في حياتهم ، يجبرون الوعي الكوني على إعادة إنتاجهم عدة مرات حسب الضرورة للتعلم. في حين أنه من الصحيح أنه في الوقت الحالي لا يمكننا إثبات أن هناك “قوة كونية” أو لا ، ما نعرفه هو أن نحن تلك الأنواع الغريبة التي تتعثر على نفس الحجر مرارًا وتكرارًا)
إذا فعلنا ذلك ، فهذا بالتحديد لأننا لا نعطي أنفسنا مساحة نفسية. نحن لا نعرف أو لا نسمح لأنفسنا بالوقت الذي تمس الحاجة إليه لمعالجة ودمج تجارب شخصية معينة. تميل الحياة إلى الانقسام من وقت لآخر ونحن ، بعيدًا عن إصلاح تلك الشقوق أو إعادة تركيب تلك القطع السائبة ، ندعها تمر. فشيئًا فشيئًا ينفصلنا بشكل متزايد عن هذه الاحتياجات الداخلية حتى يثقل الإحباط والتعاسة فجأة
ومن هنا قد وجدت الفنانة الإيرانية ( باراستو فوروهار ) المقيمة في ألمانيا مساحة وفضاء مكاني متفق مع الفضاء النفسي لتغطي جدران وأرضيات بيضاء بالخط الفارسي بكتابة جمل بلغتها الام الدخيلة على المجتمع الألماني الذي أوجد ردة فعل غريبة لكنها مستحبة من قبل الجمهور تلك الغرابة الكامنة في حركات هذا الخط غير المطروق و من حيث التركيبات الخاصة بالمكان ( الغرفة البيضاء ) فقد جعلت منها مطوية او مخطوطة تتمايل فيها الخطوط العربية بإتقان مبهر وهذا هو مايعرف عن الخط الفارسي دون عن غيره فهو من اروع الخطوط لما يتمتع به من تنسيق وانحناء ومد ورشاقة فضلا عن الخصوصية الابداعية في حروفه التي تمتاز بالليونة والتي تبدو وكأنها تنحدر في اتجاه واحد.
، وقد تم عرض اعمالها لاول مرة منذ عام 1999 ، تلك الاعمال كانت مبهجة بصريًا بجدارة بسبب تعاملها معماريًا و باضفاء تفسيرات عميقة للعمل من خلال لحن الخط المكمل للشكل العام والذي طبقتها على السقوف والجدران وكملت خط تلك النصوص على الأرضيات ايضا
وعلى الرغم من قدرتنا كشرقيين على قراءة هذه النصوص الا انها كانت ( النصوص ) غريبة عن الثقافة الألمانية خصوصا والغربية عموما و التي حاولت الفنانة دمجها. بتحويل النص الى زينة تجمل الجدران تلك التي أتمتها بجعل النص متصل و مغلق بمخططاتها التصويرية غير القابلة للاختزال والتمثيل غير القابل للذوبان
حيث تمضي فوروهار على إثبات حقيقة واحدة فقدر تعلق الامر بالنسبة لها يتعلق كثيرًا بمحاولة إعادة ترتيب الفضاء النفسي ، والتعامل مع الموقف الذي تفتقد فيها للغتها الأم و وظيفتها في الحياة اليومية حيث تتداعى الذاكرة و تصبح تلك اللغة والخطوط من الماضي وتتراكم في الذاكرة لكن الحنين لايمنعها من توظيفها فنيا لتقوم بزراعة المسافات بين اللغة التي تتعامل معها ( الألمانية ) يوميا ، ولغتها التي نطقت بها بعمر الطفولة والشباب انه صراع عميق وواسع لكنه صراع مثمر