ما هو المسرح

المسرح المَسْرَح في اللغة هو مكان تمثيل المسرحيّة، وجمعه مَسارِح،[١] وفي معناه الفني هو شكل من أشكال الفن يتم فيه تحويل نص المسرحيّة الأدبي المكتوب إلى مشاهد تمثيليّة، يؤدّيها الممثلون على خشبة المسرح أمام حشد من الجمهور. ويختلف المسرح عن المسرحيّة على الرغم من استخدام الكلمتين لنفس الدلالة في بعض الأحيان؛ فالمسرحيّة هي النص الأدبي المكتوب، وتشير إلى الجانب الأدبي من العرض المسرحي، وهي عنصر واحد من عناصر المسرح المتعددة، كالإخراج، والتمثيل، والأزياء، والإضاءة، وفنّ الديكور، والموسيقى، والغناء، والرقص في بعض الأحيان. وقد وُصف المسرح بأنّه أبو الفنون؛ لاستيعابه هذه العناصر الفنيّة مجتمعةً.[٢] Volume 0% ويمكن تعريف المسرح بشكل بسيط على أنّه ظاهرة فنيّة قائمة في أساسها على لقاء واعٍ ومقصود بين الممثل والمُشاهِد، يكون في مكان وزمان مُحدَّدين، ويهدف هذا اللقاء إلى تجسيد نصّ أدبيّ ما من قِبَل الممثل للمتفرّج، مستخدماً التعابير اللغويّة أو الجسديّة أو الاثنتين معاً؛ بهدف تحقيق متعة فكريّة وجماليّة.[٣] والجدير بالذكر أنّه على الرغم من بساطة مفهوم المسرح إلّا أنّه لا يوجد تعريف واحد له مُتّفق عليه، ويتجلّى ذلك في تعدُّد تعريفات المسرح في المعاجم والموسوعات المختلفة.[٤] يعد المسرح شكلاً من أشكال التعبير عن المشاعر والأحاسيس البشريّة والأفكار المختلفة باستخدام فنَّي الكلام والحركة، وبمساعدة بعض المؤثّرات الأخرى، ويُعدّ وسيلةً للترفيه والمتعة أيضاً بقدر ما هو وسيلة للتعبير؛ فقد ورد في معجم مصطلحات الأدب مثلاً، أنّ المسرح يُعبِّر عن الإنتاج المسرحي لمؤلف معيّن أو عدّة مؤلفين معيّنين في عصر معيّن، كما عرّفه على أنّه البناء الذي يشتمل على خشبة المسرح، والمُمثّلين، وقاعة المتفرّجين، وقاعات أخرى للإدارة ولاستعداد الممثلين لتمثيل أدوراهم، كما يمكن أن يقتصر المسرح على قاعة المشاهدين والمُمثّلين فقط، وقد ورد تعريفٌ للمسرح في دائرة المعارف البريطانيّة ينصّ على أنّ فنّ المسرح يقتصر على العروض الحيّة المُوجَّهة بكلّ دِقّة، وبتخطيط مُحكَم لخلق إحساس عميق بالدّراما.[٤] تاريخ المسرح نشأة المسرح يُعدّ المسرح فنّاً قديماً، عُرِف منذ القدم عند المصريين واليونانيين، وقد ارتبط في البداية بالشعائر الدينيّة، إلّا أنّه ما لبث أن أصبح فناً قائماً بذاته، لا تقتصر غايته على الإمتاع، بل تشمل أهدافاً فكريّة وتثقيفيّة وترفيهيّة للمشاهدين، ولذلك يوصَف المسرح بأنه مدرسة الشعوب.[٢] ويذهب معظم الكُتّاب الذين درسوا فنّ المسرح إلى أنّ بدايته كانت عند الإغريق؛، لما تمتّع به هذا الفن من ازدهار عند اليونانيّين القُدامى، وتعود بداية ظهوره عند الإغريق إلى القرن الخامس قبل الميلاد، إلّا أنّ ازدهار المسرح في ذلك الوقت لا يعني أنّه لم يكن موجوداً عند الحضارات السابقة للإغريق، وعليه فإنّ فكرة عدم وجود فنّ المسرح قبل الإغريق يُعدّ إنكاراً لقدرة الإنسان من مختلف الثقافات على الترفيه عن نفسه، خاصّةً أنّ المسرح وسيلة للترفيه وليس للتعبير فقط.[٤] ولهذا يُعدّ المسرح على اختلاف أشكاله وأنماطه، فنّاً من الفنون التعبيريّة التي أوجدها الإنسان منذ قديم الزمان، ويصعب تحديد مكان النشأة الحقيقيّة الأولى للمسرح وزمنها؛ فقد ظهرت التراجيديات وكانت تُمثَّل في أثينا في القرن السادس قبل الميلاد، وبلغت ذروة ازدهارها في القرن الخامس قبل الميلاد؛ حيث كانت مرتبطةً ارتباطاً وثيقاً بالاحتفالات الخاصة بتمثيل الطقوس والشعائر الدينيّة القديمة.[٤] لم يعرف العرب المسلمون المسرح في بداية الحضارة العربيّة الإسلاميّة وانتشارها، حتى إنّ العرب لم يعرفوا أهميّة الأبنية المعماريّة المسرحيّة الرومانيّة الشهيرة المنتشرة من شمال سوريا وحتى المغرب، وعندما ترجموا فن الشعر لأرسطو وضعوا مفهومَي الرِّثاء والهِجاء العربيَّين مقابلاً لمفهومَي المأساة والملهاة اليونانيَّين؛ وذلك بسبب عدم معرفتهم بالنص المسرحي أو العرض المسرحي، كما لم يعرف الصليبيّون المسرح؛ وذلك بسبب التحريم الكنسيّ لهذا الفن، ولذلك لم ينتقل للمسلمين أثناء فترة الاحتلال الصليبيّ لأجزاء من العالم العربي والإسلامي. ومع نهاية العصور الوسطى عاد المسرح الأوروبي للظهور من جديد، وكان مصدره الطقوس المسيحيّة التابعة للكنائس، وكانت أولى النصوص المسرحيّة آنذاك متعلّقةً بالحروب الصليبيّة وبشخصيّة صلاح الدين الأيوبي.[٣] نشأة المسرح عند العرب عرف العرب المسرح بمعناه الغربيّ في العصر الحديث على إثر احتكاكهم بالثقافة الغربيّة في بداية القرن التاسع عشر الميلادي؛ حيث ظهرت بعض الفِرَق المسرحيّة في بلاد الشام، ثمّ انتقلت إلى مصر ولاقت فيها قبولاً وتشجيعاً كبيرين، ممّا أدّى إلى ظهور فِرَق تمثيليّة جديدة. ومع بداية القرن العشرين، تمّ إنشاء العديد من المسارح الحكوميّة الجديدة، وكانت أغلب المسرحيّات المُؤدّاة مُقتبسَةً أو مُترجمَةً من لُغة إلى أخرى، أو منقولةً من القصص الشعبيّة العربيّة، أمّا نجاح المسرح فقد كان الدافع الأساسيّ الذي جعل الكُتّاب يتّجهون إلى كتابة فنّ المسرح، ومع بداية خمسينيات القرن العشرين انتشر المسرح في العالم العربي انتشاراً كبيراً، وأصبح مُعترَفاً به في معظم المؤسسات الثقافيّة الرسميّة، كما تمّ تأسيس معاهد خاصّة للتمثيل، وشهد المسرح العربيّ تطوراً كبيراً على أيدي كبار الممثلين والمخرجين العرب، وزادت الفِرَق المسرحيّة التي تُقدّم الفن المسرحي العربي داخل الوطن العربي وخارجه، كما ظهر مسرح خاص للأطفال في مختلف الدول العربيّة.[٢] ومع تسارع الأحداث السياسيّة العالميّة اليوم، وحدوث الأزمات التي مرّت بها البلدان المختلفة في النصف الثاني من القرن العشرين، انحدر الفن المسرحي العربيّ وقلّت حركته، وتراجع دوره في ظل ظهور المسرحيات التجاريّة جنباً إلى جنب مع المسلسلات الدراميّة التلفزيونيّة التي تنافست مع الفن المسرحي منافسةً غير عادلة.[٣] نبذة عن المسرح العالميّ تطوّر الفنّ في مختلف دول العالم على مدى الأزمان، وقد مثّل فن الدراما في كلّ دولة العادات السائدة، والمعتقدات المحليّة، والأساطير، بالإضافة إلى تمثيله لظروف الحياة المختلفة؛ فقد ظهر في اليابان مثلاً ثلاثة أنواع من الدراما الثراثيّة، وهذه الأنواع هي:[٥] نوه: يُقصَد بها المسرحيّات الكاملة وهي الأقدم؛ حيث إنّها مبنيّة على الأدب الياباني القديم. كابوكي: هي المسرحيّات الشعبيّة. جوجوري: هي مسرحيّات الدُّمى، ويُذكَر أنّ مسرحيّات كابوكي وجوجوري تحتويان موسيقى صاخبةً، ورقصاً رياضيّاً. وفي الهند اشتُهِر التراث المسرحيّ -الجنوبيّ تحديداً- المعروف بكاثاكالي، كان يؤدَّى في طقوس المعابد، وقد ارتدى فيه الممثّلون أزياء مترفةً ومرتفعة الثمن، ومثّلوا قصصاً مأخوذةً من الأساطير الهنديّة، كما كانوا يقومون بحركات بالأيدي والأذرُع بشكل مبالغ فيه، بالإضافة إلى التعابير الوجهيّة، وفي الصين كان التعبير عن الدراما يتمّ بأداء استعراضات تجمع بين الرقص، والغناء، والموسيقى الصاخبة، والتهريج، بالإضافة إلى الألعاب البهلوانيّة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *