الأيام طه حسين
طه حسين من الأدباء والنُقّاد العرب والمَصريّين المشهورين، لُقّب بعميد الأدب العربيّ، وساهم في إثراء المَكتبة العربيّة في العديد من المُؤلّفات التي ما زالت من الكُتُب الأدبيّة المَشهورة والمُتداوَلة بين القُرّاء الذين يهتمّون بالأدب والثّقافة العربيّة؛ فقد تميّزت مُؤلَّفات طه حسين باحتوائها على الكثير من المَعارف، أمّا أسلوبه في الكتابة فقد تنوّع بين الأسلوب السرديّ، والأسلوب القصصيّ المليء بالتّشويق، وتتابُع الأحداث التي تصف موقفاً أو حدثاً ما، سواءً حصل مع طه حسين شخصيّاً، أو مع أحد الشّخصيات الموجودة في كُتُبه، كما استعان بتكرار الصّور والمَشاهد في مؤلَّفاته، ممّا أضاف لها ذلك التنوّع الغنيّ، والذي عُرفَ فيه طه حسين في كتابته، وأُطلق على أسلوبه هذا مُسمَّى السّهل المُمتنع.[١] Volume 0% حياته وُلِدَ طه حسين في عام 1889م في صعيد مصر، وتحديداً في قرية تُدعى عزبة الكيلو، لأسرة قرويّة بسيطة، وفي طفولته فقد بصره نتيجة سوء العلاج الذي خضع له، ولكن ساعدته قوّة البصيرة على الاستمرار في الحياة، وذكائه الذي ظهرت علاماته عليه منذ طفولته المُبكّرة، خصوصاً في فهمه واستيعابه للأشياء من حوله، عن طريق اعتماده على الخيال لتصوير الأشياء ووجوه الأشخاص المحيطين فيه. تُوفّي طه حسين بعد حياة مليئة بالمُؤلّفات الأدبيّة عام 1973م.[٢] تعليمه رُغم فقدان طه حسين لبصره إلا أنّ ذلك لم يمنعه من الحصول على التّعليم، فالتحق بكُتَّاب القرية، وكان من أذكى الطّلاب، حتّى أنّ شيخ الكُتَّاب تعجّب من مدى ذكائِه وقدرته على الحفظ السّريع، ممّا ساعده في تعلُّم القرآن الكريم، والعلوم الدينيّة، واللّغة العربيّة، والرّياضيات، وساهم في تأهيله ليكمل دراسته في الأزهر، ومن ثمّ التحق في الجامعة المصريّة وكان من أوائل طلابها في عام 1908م. في عام 1914م حصل طه حسين على شهادة الدّكتوراه، ورشّحته الجامعة للسّفر إلى فرنسا للدّراسة، وحصل على شهادة دكتوراه ثانيّة من فرنسا، ومن ثم عاد إلى مصر ليعمل أستاذاً للتّاريخ في الجامعة المصريّة.[٣] مسيرته الأدبيّة والمهنيّة منذُ عام 1925م صار اهتمام طه حسين يتحول من التّاريخ إلى الأدب العربيّ، ممّا جعله يُصبح عميداً للأدب في الجامعة المصريّة، وهذا ما ساهم في منحه لقب عَميد الأدب العربيّ، وفي عام 1926م أصدر طه حسين كتابه الأول بعنوان (في الشّعر الجاهليّ) الذي أثار غضب الكثير من النّاس عليه؛ لأنّ الكتاب تضمَّنَ آراء طه حسين حول الشّعر الجاهليّ، ومدى أصالته وصحّته، ولكنّه نجح في تدارك ما وقع فيه من أخطاء، وأصدر نسخةً جديدةً من الكتاب بعنوان (في الأدب الجاهليّ).[٢] انتقل طه حسين في مسيرته الأدبيّة بين العديد من الوظائف؛ فبعد تولّيه عمادة كليّة الآداب لثلاث مرّات في الجامعة المصريّة، تمّ تعيينه في وزارة المَعارف، ومن ثمّ أصبح عضواً من أعضاء مَجمع اللّغة العربيّة المصريّ، وفي مُنتصف القرن العشرين أصبح وزيراً للمعارف المصريّة، وفي هذه الفترة أصدر العديد من المُؤلَّفات التي وصل عددها إلى أكثر من مئة مُجلّد ورواية، وقصّة قصيرة، وغيرها من المُؤلَّفات الأدبيّة الأُخرى، والتي ظهر بعضٌ منها بعد وفاته، لكن يُعتبر كتاب (الأيّام) الذي احتوى على سيرته الذاتيّة من أهمّ وأشهر مُؤلَّفاته في مجال الكتابة الأدبيّة.[٢] كتاب الأيام لطه حسين كتاب الأيام من أشهر كُتُب السّيرة الذاتيّة في القرن العشرين للميلاد، والذي صدر ضمن ثلاثة كُتب مُنفصلة، حتّى صدرت طُبعةٌ مُميّزةٌ منه احتوت على الأجزاء الثّلاثة في كتاب واحد.[٤] يتميّز كتاب الأيام في لغته العربيّة الفصيحة المُمتازة، إلى جانب مجموعةٍ من الآراء النّاقدة الخاصّة بطه حسين التي واجه فيها العديد من الأفكار الماضية في حياته؛ في الجزأين الأول والثّاني يغلب السّرد الروائيّ على أحداث كتاب الأيام، أما الجزء الثّالث من الكتاب فيحتوي على مجموعةٍ من الأخبار المُتنوّعة، والتي يُخبر طه حسين القُرّاء عنها، وخصوصاً ما تضمّن تحليلاً للقضايا التي واجهته أثناء فترة دراسته وعمله.[٥] يحتوي أيضاً كتاب الأيام مع السّيرة الذاتيّة لطه حسين على مجموعةٍ من القصص والأحداث التي ترتبطُ بالحداثة الفكريّة التي دعا لها في كافّة مُؤلَّفاته تقريباً، ممّا أدّى إلى مُحاربته من قبل العديد من المُفكّرين التقليديّين، وهذا ما يظهر واضحاً في الجزء الثّاني من الكتاب الذي صرّح فيه طه حسين عن نظرته نحو العلم؛ إذ حاول أن يطلب في أكثر من مَوقف تحقيق نهضةٍ تعليميّةٍ عن طريق استبدال العلوم السّابقة بعلومٍ أكثر حداثةٍ، وهذه من إحدى الأفكار التي اقترحها وأدّت إلى تعزيز الهجوم عليه.[٥] أسلوب طه حسين في كتابه الأيام اعتمد على استخدام ضمير الغائب بشكل كبير؛ إذ قصد من ذلك تجنّب وصف الأشياء التي لم يراها، أو التي لم يتمكن من تخيّلها، ممّا أدّى إلى ظهور العديد من الأوصاف العامّة في الكِتاب، والتي استخدمها بشكل كبير في نصوصه؛ لأنّها ساعدته على تشكيل صورٍ عنها في مُخيّلته بالاعتماد على ما سمعه من الأشخاص المُحيطين به، وظهرت مُعظم تعبيرات طه حسين في الأيام تجريديّة؛ بسبب عدم قدرته على إدراك تفاصيل الأشياء المُحيطة فيه بدقّة، ويُعتبر هذا الشّيء من الخصائص التي تميّز فيها أثناء كتابته للأيام