أحمد شاملو..عشر قصائد
ترجمة: محمد الأمين الكرخي
أحمد شاملو..عشر قصائد
ترجمة: محمد الأمين الكرخي
- مطر
آنذاك، رأيت سيدة حبي المغرورة
تفكر على عتبة كاسيةٍ نيلوفرًا
وسماء ماطرة
آنذاك رأيت سيدة حبي المغرورة
على عتبة المطر العامرة بالنيلوفر
وقد اجتاحت قميصها ريح مرحة
آنذاك رأيت على عتبة النيلوفر
سيدة المطر المغرورة
عائدة من سفر السماء الشاق
- صرخة، ثم لا شيء
صرخة، ثم لا شيء
فالأمل غير قادر على سحق رأس اليأس
على بساط العشب رقدنا
مفعمَيْنِ بيقين الحجر
علي بساط العشب، تَوَاشَجْنَا بالحب وبيقين الحجر ذاته
وقد هيمنا على الحب
لكن بساط العشب ويقين الحجر ليسا سوى ترنيمة
إزاء قدرة اليأس
صرخة
ثم لا شيء
- شاهدة قبر
ما من نشاط في الرحيل
ما من صمت في البقاء
لا قدرة للأغصان على الانفصال عن الجذور
والريح المشاغبة
لم تُسِرَّ للوريقات بِالسر اللائق
صبية حبي
أم وحيدة
والنجمة اللألاءة
تدور في ممر يائس
حول مدار أبدي.
-
طبيعة ميتة
حزمة وريقات
على الطاولة
في أول نظرة للشمس
كتاب غامض
وسيجارة ترمدت
قرب كأس شاي مهملة.
موضوع محظور
في الذاكرة.
- طريق موصدة
يشمون فمكِ
لئلا تكوني قد قلتِ أحبك.
يشمون قلبكِ
ويصلبون العشق على الأعمدة
يا له من دهر غريب، أيْ حبيبتي.
يتعيّن إخفاء الحب في الدار.
في هذه الطريق المتعرجة الباردة
يشعلون النار بوقود القصيدة والنشيد
فلا تجازفي بالتفكير
إنه دهر غريب، أَيْ حبيبتي
الطارق ليلا جاء لاغتيال القنديل
يتعيّن إخفاء النور في البيت
الجزارون منتشرون في الممرات
بسواطير مدماة
إنه زمن غريب، أَيْ حبيبتي
يستأصلون البسمة من الشفاه
والأغنية من الفم
لا بد من إخفاء الحب في البيت
إنهم يشوون الكناري على حطب من ورد النرجس والياسمين
إنه دهر غريب، أَيْ حبيبتي
منتشيا بالنصر، يحضر الشيطان مجالس تأبيننا
لا بد أن نخفي الله في البيت.
- قصيدة حب
ذاك الذي يقول أحبك
ما هو إلا مطرب حزين فقد أغنيته
الحب
ليته كان قادرا على الكلام
ألف هدهد مبتهج في عينيكِ
ألف كناري حزين في حنجرتي
الحب
ليته كان قادرا على الكلام.
ذاك الذي يقول أحبك
إنما هو قلب حزين لليلة
تبحث عن قمرها
الحب
ليته كان قادرا على الكلام.
ألف شمس ضاحكة في تبختركِ
ألف نجمة باكية
في أمنياتي
الحب
ليته كان قادرا على الكلام
- فراق
بفارغ الصبر أشتهيك
فراقك تجربة وأد مُرٍّ
بفارغ الصبر
أتطلع للظفر بك
كأنك
تمتطين حصانا جامحا
ذا سرج جديد
والفراق تجربة عابثة
عطر قميصك
هنا
والآن..
الجبال باردة
سواء كانت المسافات
في زقاق أو سرير
يدي
تبحث عن التجلي البهي ليدك
واليأس تنفضه
وهي في غمرة الطريق
من دون تغريدة عينيك
العالم بلا تحية.
- ليلية 1
لا باب
لا طريق
لا ليل
لا قمر
لا نهار ولا شمس
واقفون
خارج الزمن
خنجر في الظهر
لا أحد
يحادث أحدا
بألف لغة يتحدّث الصمت.
نحدق في موتانا
بِهُزْءٍ
بِصرامة بالغة
نترقب بلوغ الدور.
- ليلية 2
هب أن الليل جميل دون معنى
لماذا جميل هو الليل
لأجل من جميل هو الليل
ليل
نهر النجوم القويم
يمضي باردا
النادبات الحزينات المسمرات على ضفتي النهر
أية ذكرى يستحضرن
أم تراهن يُعَزِّينَ بأنشودة الضفادع الخانقة
حين يخرم الصباح
بأزيز متوافق لأثني عشر رصاصة.
- إبراهيم في النار
في أغنية الغسق الدامية
الآن رجل مغاير
كان يروم الأرض خضراء
والعشق لائقا بأجمل النساء
هدية غير زهيدة
للتراب والحجر.
يا له من رجل، يا له من رجل
كان يردد
القلب أسمى مقاما
من أن يقبع في الدم
إثر صنيع سيوف العشق السبعة.
والحنجرة
لها أن تنطق
بأبهى الأسماء.
رجل مثل أسد بصلابة الجبل، عاشق
اقتحم ساحة القدر الدامية بكعب آخيل.
نحاسي جسده
وسرّ موته
أسى العشق
وغم العزلة.
آه أي أسفنديار الحزين
خير لك
أن تكون ذا عينين مطبقتين.
ألم يكن بمقدور
”لا“ واحدة
(كلا واحدة)
أن تقرر مصيري؟
وحدي صرختُ لا
وحدي أبيت الانحدار
كنتُ صوتا
شكلا في سائر الأشكال
وبالمعنى ظفرتُ.
كنتُ
صرتُ،
ليس على شاكلة برعمة
وإنما وردة
لا على شاكلة جذر
وإنما برعمة
لا على شاكلة بذرة
وإنما غابة.
صائبا كمثل رجل بسيط
صار شهيدا
كي تصلي لأجله السماء.
لم أك عبدا ذليلا
ولم يك طريقي نحو فردوس السماء
موصولا عبر ممر الذل والهوان.
وجود إله آخر ضرورة
يليق بمخلوق
لا يحني رأسه من أجل كسرة رغيف
وخلقت إلها مغايرا
أساي على رجل صنديد كالجبل
ذاك الذي كنتَه
وكما الجبل قبيل أن تطرح على الأرض
فارقت الحياة ببسالة وثبات.
لكن
لا الإله ولا الشيطان
سطرا نهايتك
إنما وثن يعبده الآخرون
يعبده الآخرون