فيوليت أبو الجلد..أ نا التي كتبت عن الأشباح حتى رأيتها

فيوليت أبو الجلد

-1-

كان البيت مسكوناً

وكنتُ الروح الوحيدة الخائفة

كانت الأقدام تروح وتجيء

الأبواب تُغلق وتُفتح

الموسيقى تصدح وتخبو.

كانوا على المرآة خلفي وعلى المائدة قبلي.

كانوا في الصور المعلقة بالأبيض والأسود

وكنتُ بكامل ألواني

أركض على أرضهم الخشبية أسمع لهاثهم،

أنام على أسرّتهم توقظني تنهداتهم .

أنا الخائفة الأزلية

أشتهي التلذذ بالقلق

أزداد وحشة حبًا بعد حب.

كتبت عن الأشباح حتى رأيتها

كتبت عن المجانين حتى عاشرتهم

كتبت عن العشق حتى لمسته

كان قلبكَ مسكوناً أيضا

وكنتُ الروح الوحيدة الهانئة ،

الهائمة في سرب الملائكة

التي تعشش في صوتك

كلما ناديتني.

الغائمة بالدمع

كلما نادمتني

الغانمة بالمنازل

كلما سكنتني .

-2-

عادت الأشباح الى طوافها،
الناس الى منازلهم.
الوحشة المعلّقة في الفراغ
أرجوحة بين الحياة والموت.

رمى الله نرداً في الهواء
وكان هذا المجاز الحيّ .
رمى الشاعر نرداً في الماء
فغرقنا جميعاً في وهم الرحيل.

نحن الكائنات المتواطئة
نتدفّق في مواكب الصلاة كي نتوب عن أفراحنا.
ونصطفّ خلف البنادق كي ندافع عن صلاتنا.
في أسطورة قديمة ،
رميتُ نردًا في اللغة
وكتبتُ كثيرا عن الأشباح
لكنها عادت الى طوافها ،
وها أنا في منزل مسكون بالإنس
لا تلهو به الرياح ،
لا يتسكّع به الضياع ، لا الضلال.
مشهد يتعثر بالألفة والضجر
في طقس يحتاج لقفازين وقبعة ،
لقبلة طويلة في الحديقة الخلفية
لجنة الله الموعودة
أو لجحيمه الافتراضي .

الى عناية جابر .

سنخسر بعد قليل

ما خلناه حياةً

بكثير من النبل

نعتذر

ننحني ببطء ونغادر .

الكلمات البسيطة أكثر براءة

من ملاك يتعكّز على بياضه

والشهوات أكثر استعجالا من طلقة في الصدر

أو من ذبحة قلبية .

يتواطأ الشعراء مع كائنات خفية

بأسى لذيذ وانكسارات مربكة .

قلق أبدي

محطات أخيرة

تتسابق أو تتأخر .

أجسادهم المحشوة بريش الأحلام

تتطاير في الريح

لماذا كاتم الصوت هذا يا الله !

الكلمات التي لا نقولها تخذلنا أيضا

ستسقط شاعرة أخرى بعد قليل ،

من يطفئ صفارات الإنذار في رأسي ؟

شاعرة من لبنان 

اللوحة للفنان التشكيلي العراقي علي رشيد 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *