حكايات السيِّد “كَ” | بِرتُولْتْ بْرِيشْتْ | ألمانيا

ترجمة من الألمانية إلى العربية: نورالدين الغطاس

حكايات السيِّد “كَ” | بِرتُولْتْ بْرِيشْتْ | ألمانيا

▪عتبة:
<< سُأِل السيِّد “كَ” “ماذا يفعلُ عندما يُحِبُّ إنساناً؟”، “أخطُّ شكلاً له ” كان جوابه، و”أحرسُ أن يكون شبيهاً له.”، “مَن؟ الشكل؟”، “لا” أجابَ السيِّد “كَ”، “الإنسان للشكل”>> بِرتُولْتْ بْرِيشْتْ.

بدون شك، يعتبر “بِرتُولْتْ بْرِيشْتْ” من أعمدة الأدب الألماني، أحتفي به في هذه التدوينة ليس شاعراً أو كاتباً مسرحياً كما هو معروف، بل حكواتي. بدأ بِرتُولْتْ بْرِيشْتْ كتابة حكايات السيِّد كُويْنِرْ، أو السيِّد “كَ”، كما تُعرفُ، سنة ١٩٢٦م، استمر ذلك حتى وفاته سنة ١٩٥٦م (حوالي ٣٠ سنة)، نَشَرَ ٤٤ حكاية منها وهو مازال على قيد الحياة، بعد وفاته اكتُشفتْ حكايات أخرى لم تنشر من قبل، ليصل عدد حكايات السيِّد “كَ” إلى ١٢١ حكاية.

▪السيِّد “كَ” رجل بدون تعريف، لا ملامح له، ربما قد يقول قائل، أنَّه شبح، لكنّه يُفكّر، وهذه هي مهنته الوحيدة. “إجراءات ضد العُنف”، من بين الحكايات التي ترجمتها له.

(*)أمام أعمال بْرِشْتْ أجدني أمام ذاكرة ألمانية، لها كامل الحقوق في النقد، لا تزييف للأحداث وما وقع، الاعتراف وتسمية الأمور بأسمائها. أعماله كانت سابقة لعصرها، رؤية مبنية على ١) الحرية ٢) المعرفة و٣) الإبداع.
(*)وجهة نظر المترجم

“إجراءات ضد العُنف”

بينما كان السيِّد “كَ”، الرجل الذي يُفكر، يُلقي كلمة ضد العُنف، لاحظ تراجع الناس ومغادرتهم للمكان، نظرَ حولهُ فوجدَ العُنف واقفاً خلفه. “ماذا تقول؟” كان سؤال العُنف. “ألقي كلمة لتأييد العُنف”، أجابَ السيِّد “كَ”.
بعد مغادرته للمكان، سُأل السيِّد “كَ” من طرف تلاميذه عن موقفه. أجابَ السيِّد “كَ”، “ليس لديَّ موقف لكي يُكَسَّر، أنا الذي، على وجه الخصوص، يجب أن يعيش أطول من العُنف”، واسترسل يحكي:

في أحد الأيَّام، خلال فترة غِياب الشّرعية، جاءَ عميل إلى بيت السيِّد “إِگُه” الذي تَرَبَّى على قول كلمة “لا”، حَمِلَ العميل شهادة باسم أولئك الذين حكموا المدينة والتي تُؤكد: كل بيت يطأه بقدميه يجبُ أن يُصبحَ ملكاً له؛ الشيء الذي ينطبقُ كذلك على كل غداء يطلبهُ؛ وكل من يلقاه يجبُ أن يخدمه ويعتني به.

كان العميل يجلسُ على كرسي، يطلبُ الأكل والشرب، دائماً، قبل النوم، يولي وجهه نحو حائط الغرفة، ويسألُ السيِّد “إِگُه”، “هَلْ ستكون في خِدمتي؟”.
سَحَبَ السيِّد “إگه” بطانيته على وجهه، طَرَدَ الذباب، راقبَ نومه، وكما في كل اليوم، أطاع العميل لمدة سبع سنوات. حرص السيِّد “إِگُه” على عدم القيام بشيء واحد: البوح ولو بكلمة واحدة. عندما انقضت السنوات السبع وأصبح العميل بديناً من الأكل والنوم وإعطاء الأوامر، ماتَ العميل. لفَّهُ السيِّد “إگه” في البطانية المُتعفِّنة، وسحبه إلى خارج المنزل، نظّفَ المكان، صَبَغَ الجُدْرَان، تنفَّسَ الصعداء وأجابَ: “لا”.

▪▪▪

▪النص الأصلي.

Maßnahmen gegen die Gewalt I Bertolt Brecht I Deutschland

Als Herr Keuner, der Denkende, sich in einem Saale vor vielen gegen die Gewalt aussprach, merkte er, wie die Leute vor ihm zurückwichen und weggingen, blickte um und sah hinter sich stehen – die Gewalt. »Was sagtest du? « fragte ihn die Gewalt. »Ich sprach mich für die Gewalt aus«, antwortete Herr Keuner.
Als Herr Keuner weggegangen war, fragten ihn seine Schüler nach seinem Rückgrat. Herr Keuner antwortete: »Ich habe kein Rückgrat zum Zerschlagen. Gerade ich muß länger leben als die Gewalt.« Und Herr Keuner erzählte folgende Geschichte: In die Wohnung des Herrn Egge, der gelernt hatte, nein zu sagen, kam eines Tages in der Zeit der Illegalität ein Agent, der zeigte einen Schein vor, welcher ausgestellt war im Namen derer, die die Stadt beherrschten, und auf dem stand, daß ihm gehören solle jede Wohnung, in die er seinen Fuß setze; ebenso sollte ihm auch jedes Essen gehören, das er verlange; ebenso sollte ihm auch jeder Mann dienen, den er sähe.
Der Agent setzte sich in einen Stuhl, verlangte Essen, wusch sich, legte sich nieder und fragte mit dem Gesicht zur Wand vor dem Einschlafen: »Wirst du mir dienen?«
Herr Egge deckte ihn mit einer Decke zu, vertrieb die Fliegen, bewachte seinen Schlaf, und wie an diesem Tage gehorchte er ihm sieben Jahre lang. Aber was immer er für ihn tat, eines zu tun hütete er sich wohl: das war, ein Wort zu sagen. Als nun die sieben Jahre herum waren und der Agent dick geworden war vom vielen Essen, Schlafen und Befehlen, starb der Agent. Da wickelte ihn Herr Egge in die verdorbene Decke, schleifte ihn aus dem Haus, wusch das Lager, tünchte die Wände, atmete auf und antwortete: »Nein.«

••• ••• •••
(*)بِرْتُولْتْ بْرِيشْت Bertolt Brecht (1898-1956)
يعتبر بِرْتُولْتْ بْرِيشْت من أبرز أعمدة الأدب والمسرح الألماني، ولد في العاشر من فبراير سنة ١٨٩٨م بمدينة أَوْگْسْبُورغ بألمانيا، والده كان مديرا لمعمل صناعة للورق، هنا استنشق بِرْتُولْتْ بْرِيشْت رائحة الورق وأحبَّ الأدب، درس الطب بمدينة مْيُونِخ، بدأ الكتابة مبكرا، ١٩٢٣م ككاتب لخشبات مسارح مدينة مْيُونِخ، ١٩٢٤م كاتب بالمسرح الألماني بمدينة برلين، سنة ١٩٢٦م بدأ دراسة الشيوعية، مما كان له أثر على كتاباته المسرحية، حيث يُعتبر من مؤسسي المسرح التفاعلي مع الجمهور.
ما بين ١٩٢٧-١٩٢٨م كتب “أوبرا البنسات الثلاثة “، أشهر أعمال بْرِيشْت. بعد العرض الأول، حققت هذه المسرحية الاجتماعية النقدية نجاحا عالميا. يمكن اعتبار ” أوبرا البنسات الثلاثة ” أول قطعة ممَّا يُسمّى بالمسرح الملحمي. عمل بْرِشْت بتقنية تأثيرات الاغتراب، على خشبة المسرح يُصبح الواقع غريبا، مقاطعة الحبكة باستمرار، وإجبار المشاهد على التفكير. كما أنني من معجبي مسرحيته “حياة غاليليو غاليلي”، حيث تدور أحداثها حول علاقة الدين (هنا الكنيسة) مع العِلم (هنا العالِم غاليليو غاليلي).
بعدما استولى النازيون على السلطة في نهاية فبراير ١٩٣٣م، فرَّ بْرِيشْت إلى براغ (جمهورية التشيك)، ثم فيينا (النمسا)، وسويسرا، ثم الدنمارك، فنلندا، الاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة الأمريكية. كانت سنوات المنفى فترة نجاح، كتب فيها العديد من الأعمال المهمة. في عام ١٩٤٧م غادر أمريكا وعاد إلى سويسرا. بعد ذلك بسنتين رجع إلى برلين الشرقية. هناك أسس مجموعة برلين التي اكتسب شهرة دولية. بداية من سنة ١٩٥٠م كان أيضا عضوا في أكاديمية الفنون في برلين الشرقية. في سنة ١٩٥٤م حصل على جائزة ستالين للسلام.
خلال سنواته الأخيرة أمضى وقتا في العمل بفرقة برلين للمسرح، توفي برشت في ١٤ أغسطس ١٩٥٦م بمدينة برلين الألمانية.

(*)الصورة للكاتب الألماني: بِرْتُولت بْرِشت

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *