بيت الطفولة (2-3) للشاعر الفرنسيّ: إيڤ بونّفوا Yves Bonnefoy

ترجمة: أسامة أسعد

قصيدة: بيتُ الطفولة (2-3)
للشاعر الفرنسيّ: إيڤ بونّفوا Yves Bonnefoy
ترجمة المترجم السوريّ: أسامة أسعد
(*)المجموعة: الألواح المنحنية

 

-٢-

أفقتُ، كان بيتُ الطفولة.
كان المطر يسقط خفيفًا في جميع القاعات.
وكنت أمضي من واحدة إلى أخرى، أشاهد
الماء الذي يتلألأ على المرايا
المكدّسة في كل مكان. بعضها محطّمٌ، أو
محشور حتى بين الأثاث والجدران.
في بعض الأحيان، كان يتحرّر منفلتًا من هذه الانعكاسات عينها، وجهٌ،
ضاحكٌ، أكثر عذوبة، وغير ما هو العالم.
وكنتُ ألمسُ، مترددًا، في الصورة،
خصلات الإلهة المبعثرة،
كنتُ أكتشفُ تحت حجاب الماء
جبهتَها الطفولية الصغيرة، حزينة مشتّتة.
دهشة تتراوح بين الوجود والعدم.
يدٌ تتردد في لمس غشاوة بخار الماء.
ثم كنت أسمع الضحك يبتعد
في ردهات البيت المهجور.
هنا لا شيء سوى خير الحلم إلى الأبد،
اليد الممدودة التي لا تعبر
المياه السريعة، حيث تمّحي الذكرى.

▪▪▪

-٣-

أفقتُ، كان بيتُ الطفولة،
كان الوقتُ ليلًا، وكانت أشجارٌ
تسرعُ من كل الاتجاهات لتتجمّع حول بابنا،
كنتُ وحيدًا على العتبة في الريح الباردة،
لكن لا، لم أكن وحيدًا البتة، كان كائنان فارعان
يتحادثان فوقي، من خلالي.
أحدهما، ورائي، امرأة عجوز، محدودبة، شريرة،
الآخر امرأة تقف في الخارج كمصباح،
جميلة، تحمل الكأس التي قُدِّمَت إليها،
تشرب بنهم، بكل ظمأها.
هل أردتُ السخرية، يقينًا لا،
بالأحرى أطلقتُ صرخة حب
لكن تخالطها غرابةُ اليأس،
وسرى السمُّ في أعضائي كلها،
سيريس*، عرضةً للسخرية، حطّمَت من أحبّها.
هكذا تتكلّم اليوم الحياةُ السجينةُ في الحياة.

••• ••• ••• ••• •••
(*) سيريس: إلهة الخصب عند الرومان. هنا إشارة إلى الإلهة سيريس الظمأى وهي تطلب الماء من امرأة عجوز يرافقها صبيٌّ يسخر من الإلهة فتحطّمه.

(*) النص المترجم عبارة عن مقطعين (1-2)
من 12. فالقصيدة تتألف من 12 مشهدًا أو جزءًا تمثّل الستة الأولى حلم فيضان يجتاح بيت طفولة بونّفوا، والستة التالية بيت الطفولة الآخر حيث الماء لا يعود العنف والخطر، بل الهدوء والسكينة، المكان الحقيقي، الذي هو العالم.

(*) ارتأى المترجم إلى ترجمة (Maison natale) ببيت الطفولة بدلًا من بيت المولد.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *