الخط الاسود الفاصل

رؤيا سعد

الخط الاسود

“اعرف نفسك بنفسك”؛
فنسيان الذات وسوء فهم الذات وتحقير الذات (الذات الإنسانية) وأيضاً التحوّل إلى كائن ضيّق الأفق ورديء، تغدو عين الحكمة أمام القفز إلى الماوراء دون معرفة ماهيّة ما تمّ القفز فوقه”
حسب نيتشه ان الإنسان الأرقى هو الإنسان الذي يتمثّل الواقع كما هو، ويمتلك ما يكفي من القوّة لهذا الغرض، ” الإنسان الأرقى ليس غريباً عن هذا الواقع وليس ببعيد عنه، إنه هو ذاته، وهو ما يزال يحمل في داخله كل فظاعاته وإشكالاته، بهذه الكيفية فقط يمكن للإنسان أن يكون ذا عظمة “. والإنسان الأكثر حقارةً هو ذاك الذي لم يعد قادراً على احتقار نفسه، والأحمق هو الذي ما يزال يتعثر في حجر أو بشر، والإنسان القادر على العطاء هو الإنسان الذي مازال يحمل شيئاً من الفوضى “كي يَلد نجماً راقصاً”.
يبتعد الفنان المصور William Farges عن تحولاته الجسدية ليركز على الحالات النفسية التي تتمثل بتجسيد هيئة الانسان الاسمى وبقصد التكثيف الحسي الفوتوغرافي . يقوم الفنان بتصوير اللحظات الاكثر حزنا والما كون هذين الحالاين هما يقتصران على الانسان وردود افعاله من خلال سلسلته التصويرية المعنونة الخط الاسود من مجموعته ( قابل للانعكاس وكاميرا الرؤية ) . نجد اغلب اللقطات تزدحم فبها الأيدي لتكون وكانها قوى صد دفاعية أو انفعالية تصل حد العدائية . لتعبر عن محنة الروح امام ذاتها من خلال تلك الايدي التي تتسيد المشهد الفوتوغرافي ، لتجسد الأيدي شهواتها ونزعاتها وكانه يريد ان يحيل الايدي الى ارواح وذوات معبرة بحركة حوارية مخاطبة..
إنهم يتشبثون ، ينهضون ، يداعبون ، يختبئون أو يتحررون ، بانعكاس شعوري قد يكون يوحي احيانا بالثقل او شعور بالخفة . ليبدو هؤلاء الاشخاص كما الاطياف او الظلال . وحيدين ، خارج ظلماتهم ليستقبلوا الضوء بشكل جميل و بتوظيف دراماتيكي مسلط جاءب . ومع ذلك ، فهم موجودون هنا ، متشابكين بصمت مع هاتين الأيدي. الحدود التي رسمها المصور بمهارة موزونة وبدقة :حيث العامل الابرز والاهم الذي لعب عليه وهو عامل الصمت الذي ينطق دون شرح ، من خلال تلك المداعبات العنيفة ، وما الخط الأسود غير شاهد على كل تلك الاحتدامات الذاتية . يوفر مشروعه Black Line ملاذًا تأمليًا ، حيث يظل التاريخ المنطوق هادئًا ، مما يفسح المجال لإيماءات مفتوحة قابلة لاي تفسير .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *