مقامات صوفية

مصطفى الشيخ

مسافرة روحه في سماء التجلي
كان الصوفي يهدي
بما لا نفهم
نتجمهر حول عمامة بيضاء
وجُبة فارغة إلا من
جسده النحيل
نحن جوقة المريدين
يا شيخ .. يا شيخ دلنا
كيف نعبر هذي  الصحراء؟
كيف ننجو وسط زوابع الرمل
و حيرة التشابه
و أفقٌ مديد ينذر باللاشيء
دلنا يا شيخ
أو أدع لنا معبودك
يكشف علاماته في درب تيهنا
لا تنفذ كلماتنا المبحوحة
إلى مسامع شيخ الطريقة
فروحه هائمة
في سماء التجلي
و لا شيء أمامنا ينجلي.

           *****
يصيب الأرض دوار خفيف
ترتفع هامة شيخنا
تعلو الجبة المرقعة فوق رؤوسنا
تغدو العمامة بساطا يسمو بها
يصير غيمة بيضاء
تتجه نحو الأفق الغامض
نركض تحت ظلها
نسير في كل الاتجاهات
كنملٍ أصابه عارض بارد
نهلل.. نكبر.. نبتهل
نسقط صرعى…
يغمرنا صوته الدافئ :
“آمنوا بالحب تأمنوا يا أبناء الخطيئة”

         *****

على إيقاع مرور الرياح

بين كثبان الرمل

تدور أجساد المريدين

على نفسها تدور .. و تدور

كدُمى أطفال

تحركها أيادي خفية

فتذوب في  حركة مشتهاة

“لن تصيروا غيوما

و لكن

توضؤوا بالمحبة قبل الماء

و أعيدوا الصلاة.”

      *****

” إن لم أكن معك

فلا تكن عليّ

الروح أنت و أنت

الآلُ و الوليّ”

يردد  المريدون اللازمة

همساً في البداية

شيأ فشيأ يرتفع الصوت

يكسر هدوء الصحراء

 تردده حيوانات البرية

الأشجار .. الأحجار .. نباتات الشوك

تردده،

تهتز على إيقاعه حبات الرمل

تتمايل به النسائم نشيداً

يصير أقوى.. يصير أعمق

” إن لم أكن معك

فلا تكن علي

الروح انت و أنت

الآلُ و الوليّ

” يا أيها السائرون

على شوك الحقيقة

لا تأخذوا بظاهرٍ ٍ

باطنهُ يبطلهُ.”

      *****

كما يصحو الثمالى

من خدر لذيذ،

يصحو المريدون

يحدقون في وجوه بعضهم

كأنما يرونها أول مرة :

  • من انت؟
  • انا انت
  • و من نحن؟
  • نحن هو
  • و من هو
  • من لا هو إلاّ هو.

يطوف في الجو نسيم بارد

يجلب الغيمة البيضاء

تهطل فوق الجوقة

مطرا خفيفا

يتسابقون كالأطفال

لإلتقاط قطراته

تسمع قهقهة الشيخ في العلياء

يلملمون حروف كلامه السائل :

” ويل لمن زرعوا

شرا و ما رحموا

لو أنهم محّصوا

لو برهة، علموا

من بذرة نبتت

قبائلٌ .. أممٌ

لو أنهم عرفوا

طريقه سلِموا

الحب قِبلتكم

فشطرها يمِّموا”.

شاعر من المغرب

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *