والدة الفنان لويسيان فرويد
اعداد وتحليل رؤيا سعد
” والدة الرسام لوسيان فرويد ”
“لقد رسمت اشخاصي في كثير من الأحيان لأنني أريد أن أعرفهم وكل مارسمته يوجز سيرتي الذاتية ”
شغلت الفنان البريطاني ( لوسيان فرويد ) حالة الاكتئاب التي عانت منها والدته لوسي فرويد في تنفيذ سلسلة من اللوحات بعد فترة وجيزة من وفاة والده ( إرنست فرويد) (1892-1970) عانت لوسي من الاكتئاب ، الذي لم تتعاف منه أبدًا ، والذي دفعها في مرحلة ما إلى محاولة الانتحار. اقترح عليه صديقه الخبير أندرو ويلسون أن يبدأ فرويد باستخدم الرسم المتسلسل كوسيلة “لمحاربة اكتئابها” . رسم لوالدته لوحة عام ١٩٧٢ وكانت اول لوحة مرسومة من ضمن سلسلة لوحات مكونة من ١٨ عمل ) توالت كدراسات امتدت بين الاعوام ( ١٩٧٢ – ١٩٨٤ ) أي الى مايقارب ١٤ عاما وكل تلك اللوحات كانت تعنى بحالة والدته النفسية وكانت اللوحة الأولى التي تصور( لوسي فرويد ) والده لويسيان
مكثفة مثقلة بالحزن بحس متدفق عكس كل مايعتريها من الم و لشدة تعلقه بوالدته جسدها بهذا الشكل ، تتضمن السلسلة عشر لوحات وخمس تخطيطات وثلاث من النقوش ، وقد جلست لوسي بين يديه للرسم لأكثر من ألف مرة لرسم بورتريه شخصي لها ، و على مدى عقد من الزمن ، مع استمرار الجلسات بين أربع وثماني ساعات وقد كانت كل لوحة او تخطيط يستغرق عدة أشهر حتى يتم اكتماله. نفذ فرويد العمل الأولي بطبقتين من البرايمر الأبيض على القماش لضمان أن السطح يبقى أملسًا تمامًا قبل إضافة اللون. ثم قام فرويد بتطبيق الأصباغ باستخدام فرشاة hogshair ، وفي عدة أماكن حقق عمق الملمس في اللوحة عن طريق تطبيق الاصباغ الخام مباشرة على القماش – على سبيل المثال ، تم استخدام الخليط الممزوج بالأحمر والأخضر الفيردي لتدعيم نغمات الجلد ليظهر اللون البني من ملابس الام . تم تحقيق التفاصيل أيضًا باستخدام الفرشاة لإزالة الأصباغ عن السطح وكذلك لابراز التفاصيل اكثر : تم إنشاء الألياف الدقيقة على سترة المرأة عن طريق إضافة عدة طبقات من الطلاء الداكن المتتالي على القماش واستخدام فرشاة hogshair صلبة صغيرة لبيان الأجزاء ذات الألوان الفاتحة تحتها.
لقد ظهرت اللوحة الأولى صادمة بالنسبة لوالدته بتفاصيل لم تنتبه لها مسبقا ، بدت امراة كبيرة في السن برأس وكتفين على خلفية بنية داكنة ورمادية. قام برسمها متعمدا من زاوية نظر أعلى قليلاً مائلة الى اليمين ، كي يشغل وجهها مركز الصورة. عينيها منصبتان إلى الأسفل ووجهها ممتليء مكتنز ، وهو تأثير حققه الفنان من خلال استخدام الطلاء الرمادي لتمييز الظلال من خلال الجلد. كانت والدته ترتدي ثوبًا بنيًا مع إبرازه لثنايا حول العنق ومناطق الكتف ، وشعرها ، أبيض اللون مع درجات حمراء بنية اللون ورمادي ، بخصلات مسرحة على وجهها ويبدو أنها متجمعة بشكل فضفاض خلف رأسها. يظهر سطح اللوحة مجموعة متنوعة من القوام المختلف: الأصباغ في المنطقة الرمادية لتلك الخلفية ، والتي قد تمثل جدارًا ، أملس ويتم تطبيقه بالتساوي ، في حين أن المناطق الأكثر تفصيلاً في اللوحة ، كانت مركزة بشكل لافت على وجه المرأة وملابسها وكأنه يريد منا الانتباه الى ماتعانية من اضطراب ذهاني . هذه السلسلة شغلت بال لوسيان فرويد فقد شعر بالعجز امام حالتها التي أصبحت تتداعى يوما بعد اخر وقد عكس هذا مرار في تلك السلسلة مجسدا في حزنها كلوحة أم الرسام (اللوحة الرابعة) الصامتة و التي تميزت باللون البني و الرمادي مع اظهار تعابير الحزن على لوسي. بقي لويسيان محافظا على أسلوبه التشكيلي ذو البعد الإنساني لكنه كعادته يعكس حالة العجز التي يواجهها كي يمسك بالواقع ـ ليقع في شراك الياس في تصوير ماتعانية والدته من احتدامات ذاتية ليرسم تحويل ياس العتمة الى شكل كتلي صامت . لقد منح الرؤى الغامضة شكلا، وذاك الشكل و السطح المنغمس في تفاصيل الجسد صور الفنان الغموض الذي عجز عن تجسيده وامساكه واقعيا وترك لنا صورة والدته الحزينة المرسومة بالالوان الحادة … حتى انه حرص على ان تحمل جميع لوحاته في تلك السلسلة على نفس الأسطح المزخرفة والتفاصيل النفسية التي تظهر في لوحات فرويد الاخرى
، مثل Leigh Bowery (Seated) 1990 (مجموعة خاصة) و Benefits Supervisor Sleeping 1995 (مجموعة خاصة) ، على الرغم من ذلك في حالة لوحة ام للرسام ،خرص على ان تكون المقاييس أكثر حميمية بكثير.ليس من المستغرب ان يرسم الفنان والدته فقد سبقه غيره فهناك العديد من اللوحات الشهيرة لفنانين خلدوا فيها امهاتهم بطريقة حساسة كشخصية مسنة ولكنها هادئة وقوية ، على سبيل المثال John Opie’s The Artist’s Mother c.1791 (Tate N03518) ، وجيمس أبوت ماكنيل ويسلر لوحات للفنانين الأم 1871 (متحف أورسيه ، باريس) ، صورة فنسنت فان جوخ لأم الفنان 1888 (متحف نورتون سيمون للفنون ، باسادينا ، كاليفورنيا) وصورة ديفيد هوكني لأم الفنان 1972 (Tate T11897). تم عرض لوحة ام الرسام لأول مرة كجزء من عرض استعادي لعمل فرويد في معرض هايوارد في لندن في عام 1974 ، ثم مرة أخرى في عام 1978 في معرض لوسيان فرويد: للوحات الحديثة في معرض أنتوني دي أوفي ، لندن. بعد ذلك بوقت قصير دخلت المجموعة الخاصة ضمن مجموعة سيمون سينسبري (1930-2006) ، الذي قدم اللوحة إلى تيت في عام 2006 إلى جانب العديد من الأعمال الأخرى التي قام بها فرويد ، بما في ذلك فتاة مع قطة 1947 (Tate T12617) و Boy Smoking 1950 ( تيت T12618).