ازمات الجسد الانثوي المصورة لين يونغ تشنغ
رؤيا سعد
يقول المفكر (جون لويس) في كتابه (الانسان ذلك الكائن الفريد):
” العقل يعني أن الكائن العضوي يفكر، ولا تصدر عنه ردود فعل فقط كما يفعل فأر المختبر تجاه قطعة من الجبن”
Yung Cheng Lin
بعيدًا عن الرغبة في أن يكون الجسد صريحا ، تستخدم الفنانة المصورة التايوانية ( لين يونغ تشنغ ) الجسد كخامة أساس او كقطعة قماش خشنة لاستخلاص أنسجتها المطرزة بالافكار ، الأفكار التي تنثرها بذارا كي تنمو وتزهر وتعلو وتتشابك أغصانها لتمحو رغبات الأنثى ، متمثلة بخيوط تطريز حمراء رقيقة تخترق الجلد. مع انفتاح للعناصر المجردة والسريالية في لقطاتها على تفسيرات لا تعد ولا تحصى ؛ فهما لايكونا الا مجازا للتوازن عن العلاقة بين الجسد و العقل ، وهي رابطة يتم تجاهلها غالبًا ولكنها تلعب دورًا مهمًا في الفلسفة الشرقية. من الناحية التقنية نجدها تركز على محوري الهندسة والضوء كموضوعان أساسيان مهمان في تنفيذ اعمالها الفوتوغرافية . ان تناولنا الأولى ( الهندسة ) فان لين في مسعاها هذا تؤكد على – الكمال – الذي يُفهم على أنه تناغم في الأشكال والنسب لجسد الإنسان، فتقوم برسم خطوطًا سوداء او حمراء مباشرة على خامة الجسد. . اما العامل الاخر فهو الضوء والذي استغلته بطريقة أقل مباشرة كي ندرك وجوده من خلال الظلال والانعكاسات التي تتشكل على المرايا والأشياء الشفافة التي تضعها الفنانة بعناية على المجموعة.
تنطلق لين من مبدأ ان العقل والجسد يوجدان معاً في وحدة غير قابلة للانفصال،على الرغم من انهما قابلان للتمييز.فالانسان كائن مفكر،وصانع،فضلاً عن كونه كائن عاقل يعي وجوده،ويستخدم دماغه بطريقة لا تلجأ اليها الحيوانات لكي يعيد بناء كامل بيئته المادية على هيأة حياة متحضرة. و من النظرة الأولى لاعمال لين سوف ندرك أن التصوير الفوتوغرافي بالنسبة لها ليس بالأمر الهين لكنه يسير بخطى ثابتة على حافة الجمال والغرابة معا . تقيم الفنانة والمصورة الشابة في تاينان ، تايوان ، وتلقب أيضًا باسم 3 سم. تحاول طرح افكارها من خلال أسلوبها الخاص و هو الوصول إلى الهدف ، مع إظهار جماليات بسيطة وأثيرية. في اعمالها الفوتوغرافية المتضمنة بهيئتها المحببة والمميزة بالرقة الشعرية الشفافة والواضحة والموثقة في صورها . ومع ذلك فإن تركيزها الشديد على أزمات الجسد الأنثوي يؤدي إلى حرج للمتلقي او عدم ارتياح.لتصرح ان اعمالها كانت بقصدية تامة لتسليط الضوء على هموم الأنثى الذاتية والتي ترتكز على اكبر معضلاتها في الحياة الا وهي ( الجسد ) والذي تتعرض من خلاله للعديد من الحالات المتغيرة ان كانت تلك المتغيرات فسيولوجية او سايكولوجية ، تشتكي الأنثى من انحرافات مؤلمة في جسدها وبشكل دوري ( حمل ، ولادة ، اجهاض ) وبسبب تلك المتغيرات تتعرض الى مواقف محرجة تنعكس على عاطفتها والتي بدورها تترك ترسبات داخلية معقدة ، حيث تواجه المجتمع وخاصة تلك المجتمعات الذكورية التي تضعها في مكان بلا هوية ، لكن على المتلقي ان لا ينخدع بهذا السرد المبسط والاستفزازي لان الهدف الاساس هو البحث عن الكينونة وتحقيق الذات هو القصد الاكثر ملائمة لوصف اعمالها. حيث تصنف نفسها الفنانة لين على أنها نسوية حقيقية. و تعتقد أن تعريف وسائل الإعلام الحديثة لمفهوم الانوثة لايفي بالغرض كونه ينطلق من خلال إطار ضيّق جدًا ، و احتكامي ، ويفتقر إلى الحرية بشكل ملحوظ. و من خلال تصويرها هذا المليء بالتشنجات الذاتية والمتحامل قليلا ، ترغب الفنانة وضع قضايا المرأة فوق طاولة النقاش مع اضفاء لمسة فنية آسيوية جديدة على الحوار. على سبيل المثال / تقوم لين بانتقادها فوتوغرافيا لتلك القيود التي يحيلها المجتمع الى قيود ذاتية مفروضة قسرا على العديد من النساء لتتماشى مع معايير الجمال والجنس. إن تصويرها لمعاناتها الجسدية ماهو الا انعكاس للخضوع أيضا الى الكبت المستمر ، حيث تحاكينا هذه الاعمال عاطفيا وبذكاء ملحوظ من قبل لين ، من خلال التلاعب بالأشكال والأوضاع والايهامات البصرية ، لتطرح من خلالها سوْالها عن العلاقة بين المرأة وبيئتها ، وغالباً ما تقوم بمزج تلك المعاناة مع محيطها ، ذاك المحيط الذي يحيلها الى وعاء للتفريغ والحمل والولادة بمعزل عن قيمتها الذهنية والروحية . والنتيجة ما هي الا محاولة لمغازلة ثقافة الخوف والتردد ، بسريالية فوتوغرافية. رغم ان تلك الاعمال الصورية قد تظهر بالوان مشرقة لكنها جامدة ساكنة ، فخليط الظلام والعاطفة هو ما يكمن تحتهما منحنى العقل . لكننا في حقيقة الامر لانستطيع الفرار امام هذه الاعمال الجريئة الصادمة وسوف تلاحقنا لقطات التصوير الفوتوغرافي ليونغ تشينغ لين وترسخ لفترة من الزمن ، لتمنحنا طعمًا حلوًا ومرًا بمزيج من الحكمة والإعجاب الفني