هندسة الجسد للمصور ايريك ماريان

إريك ماريان قبل ان يكون مصورا فوتوغرافيا كان مهندسا معماريا فرنسيا ، من مواليد 1959 ، درس الهندسة المعمارية. واختص فيما بعد في التصوير الفوتوغرافي بعد عام 2000. أشهر أعماله هو مشروعه ( كاريه بلانك ) . وقد نفذ مايقارب من 7 سلاسل من الدراسات المهمة للجسد الأنثوي كانت جميعها بالأبيض والأسود

يعتمد المصور أريك مبدء ( التصريحَ الموارب ) من خلال لجوءه إلى المواربة والترميز والإيحاء ، في التقاط صوره المنفذة أساسا على عامل الإثارة والتشويق من خلال رحلته الشاقة في رصد الضياع و الشتات امام تضاريس الجسد الأنثوي تلك الخريطة الوعرة التي تغوينا دروبُها الغامضة ومطبّاتها الخطيرة، والتي لم ولن ينجو منها الا من فهم القصد المراد طرحه كقضية قابلة للتأويل والمواربة لاعتماده عدم التصريح كونه لا يظهر أي من تلك الأعضاء الجنسية بشكلها الصريح او الفاضح لكنه يركز على تلك المنطقة من الجسد عمدا ويطرح علينا عدة تساؤلات ربما سبقها به الفنان الفرنسي غوستاف كوربيه والذي كان اكثر جرأة منه في غور تضاريس تلك الخريطة . حينما اظهر الجسد الأنثوي العاري وبشكله الصريح في لوحة “أصل العالم” والتي ذكر عنها ( كلود شوب ) بان هذا الجسد كان يعود الى راقصة الأوبرا الفرنسية ( كونستانس كينيو) والذي عمد فيها على رسم فرج امراة بشكل صادم صريح حينها اثارت لوحته ضجة وجدلا كبيرا ومنعت من العرض ، لقد أراد كوربيه ان يمنحنا صدمه مباشرة على مانخفيه وماننكره من حقيقة موجودة قد تكون تلك الحقيقة هي اصل كل البشرية على هذا الكون الناكر لحقيقته . الا ان هذا المصور قد ابتعد عن تلك الفكرة عن عمد تام لحث واستدعاء الخيال بمنح الناظر التصور وراء ما تخفيه تلك الصور من قصد محبب وراء كفوف شخوصه و عارضاته . حتى انه كي يوصل لنا فكرته الأساس استعان في احدى لقطاته بموديل عارضة بيضاء وموديل رجل اخر( اسمر البشرة ) كي يميز لنا الفعل الأصل
وبهذا قد سحبنا هذا الفنان الى نقاط ارتكاز اركان الفكرة الأساس التي بني عليها مشروعه حيث يظهر لنا مايطرا من تغيير وتباين على ثيمة الجسد ، وهل يمكننا الوقوف عند تربةِ الجسد الفتي الخصب مقارنة بجسد تكومت طياته وتشكلت كانها الأودية في مناطق هرمة لجسد امراة أخرى انها تلك المناطق المعتقة بفعل الزمن والتي وجب علينا ان نحبها لا ننكرها كما أحببنا تفاصيلها عندما كانت خصبة فتية ، كون هذه الأرض العتيقة ( الجسد الهرم ) غير مُكتشفة بل غير مصرح لنا تصويرها وان يتم تقبلها من قبل الاخر كي تكون صورة مثالية للجمال ، علينا الا نغفل عن حقيقتنا وكيف يقوم الدهر بتغييرها رغما عنا والتفكير قسرا بتلك الأراضي التي كانت مسبقا نضرة لكن رغما عنها قد طالَها النِّسيانُ ليس بالضرورة ان يصور لنا مناطق بكر مُلغَّمة قد تودي بحياتنا بخطوة غير مدروسة لتفجر ذاك اللغم الذي انزل بسببه ابينا ادم وقايض النشوة بالجنة لقد مشى هذا الفنان بخطى مُغامِرَة جريئة وبفكرة مغايرة ، سعيا منه على رسم خريطته الخاصة والتي تحوي على مساراتٍ لأجيالٍ تعاقبت لتتقاسم تلك الأجيال ذات الأعطاب الفكرية ، انها صدمة واقعية محببة ، القصد منها ان يترك الفنان أثرًا في ذواتنا الى الابد كالبصمة ، وان حاولنا إخفائها
يخفي التصريح باللقطة . لكن حضور الأنثى هنا وكأنها الغواية وهي العنصر الأهم في الحياة كان حضورها مقصودا .او تلك الفاكهة المحرمة قد نشتهيها يوما لكنها بعيدة المنال انه سر الالتفات هنا وهناك، إعادة تشكيل الخطيئة الأولى بهذا الحضورالأنثوي ، ليدمج تلك الأفكار وبصراع محبب ليكشف لنا تجاعيد الزمن والآلام الحياة وقسوة الكون المجحف الذي لايعرف أنصاف هذا الانسان الضعيف بمواجهة صراعاته ورغباته مع تلك الأزمات المتلازمة للإنسان المعاصر ما بين الميلاد والموت، انها تدوينه لتلك الأزمة في مواجهة الحقيقة الأقرب للإنسان من جفنه لكنها بعيدة المنال كمن يريد ان يمسك بنهاية الكون
في محاولة لفهم ان ماتحتله مفاهيم التنشئة الجسدية والجنسانية في هذا الخصوص ماهو الا فهم لمكانة اساسية لمعرفة العلاقة الجوهرية بين هندسة الجسد الانثوي والتمايز الجنسي لتحديد درجة الرقابة المجتمعية على المرأة في هذا المجتمع مع اكتشاف كل ابعادها ان كانت جسدية ام نفسية .

#رؤيا_سعد