قصة: أَصْوَاتٌ

للقاص الليبي: جمعة الفاخري

أَصْوَاتٌ

( أ )

تَرْتَعِبُ صَغِيرتي مِنْ ضَوْضَاءَ غَرِيبَةٍ تُنَاوِشُ سَمْعَهَا.. أَصْوَاتٍ مُزْعِجَةٍ تَدَّعِي سَمَاعَهَا.. أُنْصِتُ مَعَهَا فلا أَسْمَعُ شَيْئًا .. أُحَاوِلُ إِقْنَاعَهَا بِأَنَّهُ مَحْضُ تَوَهُّمٍ .. نِتَاجُ خَوْفٍ لَا غَيْرَ.. وَأَنْ لا شَيْءَ يَحْدُثُ أَصْلًا ..!!
تَسْتَعِينُ بخوفِها لِتُقْنِعَنِي .. ” أَنْصِتْ لِلْأَصْوَاتِ.. هَا هِي تَعْلُو ..”
– لا شَيْءَ يَعْلُو يَا ابْنَتِي؛ إِنَّهُ مُجَرَّدُ خَوْفٍ يُسِيطِرُ عَلَيْكِ..!!

( ص )

تَلْتَصِقُ بِي.. أَحْتَضِنُهَا.. أُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِهَا مُطَمْئِنًا.. أُحَاوِلُ دَعْمَهَا بِشَيْءٍ مِنَ الأَمَانِ الرُّوحِيِّ .. أَعْصِرُ قَلْبي عَلَى مَسْمَعِ رُوحِهَا .. تَهدَأُ ..تَلْتَصِقُ بي ثم تغفو ..

( و )

أُدِيرُ نَظَرِي فِي ظَلَامِ الغُرْفَةِ السَّاجِي .. أُصْغِي إِلَى الصَّمْتِ الأَخْرَسِ المُسْتَفِزِّ نَوْمَ صَغِيرَتي.. فَيُسَاوِرُني شَيْءٌ مُرْيبٌ كَالضَّوْضَاءِ.. أَلْتَصِقُ بِهَا خَوْفًا .. تَفْزَعُ.. تَقْفِزُ مَذْعُورَةً..
– مَا بِكَ يَا أَبِي ..!؟
– كَأَنِّي أَسْمَعُ أَصْوَاتًا .. أَنْصِتي .. هَا هِيَ تَعْلُو ..”
تَتَوَقَّفُ.. نَحْبِسُ أَنْفَاسَنَا مَعًا ..
– لَا شَيْءَ يَعْلُو يَا أَبَتِي؛ إِنَّهُ مُجَرَّدُ خَوْفٍ يُسِيطِرُ عَلَيْكَ.. اِهْدَأ .. وَنَمْ ..

( ا )

أَلْتَصِقُ بِهَا.. تَحْتَضِنُنِي.. تُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِي مُطَمْئِنَةً.. تُحَاوِلُ دَعْمِي بِشَيْءٍ مِنَ الأَمَانِ الرُّوحيِّ .. تَعْصِرُ قَلْبَهَا عَلَى مَسْمَعِ رُوحِي.. أَهْدَأُ.. ثُمَّ أَغْفُو ..

( ت )

يُصَدِّرُ كِلَانَا الطُّمَأْنِينَةَ للآخَرِ .. نَنَامُ مُحْتَضَنَيْنِ..
فَجْأَةً يَعْلُو صُرَاخَهَا .. أَقْفِزُ مَفْزُوعًا .. أَصِيحُ بِهَا: ” مَا بِكِ.!؟ ”
– أَصْوَاتٌ .. أَنْصِتْ لِلْأَصْوَاتِ.. هَا هِي تَعْلُو ..”
أُنْصِتُ إِلَى اللَّاشِيءِ .. أَمُدُّ يَدِي لِأُرَبِّتَ عَلَى خَوْفِهَا .. تَمُدُّ يَدَهَا لِتُرَبِّتَ عَلَى قَلْبِي .. تَنَامُ الأَصْوَاتُ.. تَهْدَأُ التَّوَهُّمَاتُ الْمَحْضَةُ ..
فِي أَعْمَاقِنَا يَنْدَلِعُ نَوْمٌ غَزِيرٌ.. !!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *