قصيدة: (المتاه رقم: صفر)
للشاعر الجزائري: الأخضر بركة
المتاه رقم: صفر
الحافلةُ على أُهْبَةِ الانطلاق
الاتّجاهُ: المَتَاهُ رقْم صِفْر.
بإمكانِها المرأةُ الحاملُ أن تركب،
المرأةُ التي لا تحملُ غير حقيبة الزِّينةِ أيضا،
والمرأةُ التي تدفعُ أولادها الخمسَةَ أمامها
كما تدفع اليدُ أصابعَهَا في قفّاز،
العجوزُ المتأوّهةُ من الكونِ كلِّه،
الرجلُ الذي يحملُ بطيخة وجريدة،
الرجلُ بصندوق السِّباكة.
الرجلُ الذي لم يكملْ سيجارته،
الرجلُ الذي باع سيّارته لشراءِ قِطْعةِ أرض،
الرجلُ الذي خسِرَ ماله في حمْلةِ انتخاب،
الرجلُ المحدّقُ في النّساء، أو في كلِّ شيء.
الرجلُ الذي يكلّمُ نفسه،
الرجلُ الضّبعُ، بطقم أسنان جديدة،
الرّجل الذي أخطأهُ الموتُ، أو لم يأْبَهْ لهُ الموت،
الفتاةُ ماضغةُ العلك على الجهة اليسرى من الفم،
المرأة التي ستنزل عند المحكمةِ،
والرجلُ الذي سينزل عند الحانة.
//////
في المحطّة قد يصعد بائعُ البَيْض،
يصعدُ بائعُ مراهمِ الحُروق والطَّفْحِ الجلديّ،
بائع السّاعاتِ وسلاسلِ الفضّة،
بائع بذور اليقطين يصعدُ،
بائعُ الكلينيكس،
أو يصعد الضَّغْط.
//////
لا أحد يرى السّائقَ إلاّ من قفاه،
كأنْ ليس السّائقُ إلاّ مجدافَ مَرْكب.
بائعُ التّذاكر ينزلُ ليلتقط المزيد
بائعُ التَّذَاكرِ القبطان
//////
بإمكانها الغيمةُ الهرِمةُ أن تصعدَ،
الغيمةُ التي لا تكفُّ عن الثرثرةِ حول ذكرياتِ المطر،
الذبابةُ أيضا، المتعبةُ من التسكّع في الهواءِ،
الشَّجَرَةُ،
عليها أن تهرولَ بجُذُورِها محزومةً على كتفيها، لتركب.
الغبار،
الغبارُ الذي خسر آخر علاقاته بالتراب،
طائرُ اللقلق، ذو الجناحين المستعارين من مخيّلة طفل.
الغزالةُ،
ببندقيّةِ فضّةٍ صغيرة في سلسلةٍ على صدرها،
رائحةُ الشوارما،
رائحة المسك الأسود
رائحة السجائر،
رائحة الشّانال ،
رائحة عشاء البارحة،
تصعد الكلماتُ ،
الكلمات التي طردتها القواميس بفردة النّعل..
الشتائمُ،
كدخان عجلةٍ تحترق.
الدموعُ اليتيمة،
الدّموع التي، من شدّة ملوحتها،
ليس لها أعينٌ تذْرفها على خَدّ،
الدموعُ التي..
وُلِدَتْ كحلازينَ دون قواقِع،
تركبُ في الخلْف
يصعد لاعبُ كرةِ قدمٍ من السبعينيّات بعُكّازه الطِبّي ،
هاتفُ الأيفون مربوطاً إلى أُذُنيِّ فتىً مجهول،
أيضاً،
التجاعيدُ،
الشَّمْسُ المصابةُ بإسْهَال،
قارئةُ الكَفُّ.
الحذاءُ الذي أصلحه الاسكافيُّ للتوّ،
اللّحيةُ الكافرة بمقَصِّ حلاّق،
الأظافرُ ذات الطِّلاء المُقَشَّر،
العُجيزةُ التي لا يتّسع لها مقعدان،
سراويلُ الجينز الممزّقة عند الرّكبْ
تفّاحةُ آدم،
العَرَق،
غرغرةُ المُحرِّكِ،
ثُمَّ.. أنا.