قصيدة: الظنون

للشاعر العراقيّ: ماجد مطرود -بلجيكا

الظنون

قرّرتُ..
أن أقفَ على ساقٍ واحدةٍ
وافردُ ذراعيّ بطريقةٍ غريبة

مثلا:
أمدّ أحدى يديّ الى الاعلى
والأخرى..
أتركها تتدلى إلى آسفل

سيظنّ الماءُ،
بأنّني طائر فلامنكو،
يمازح ظلّهُ
ويحاول أن يكونَ،
مهرجا
سمعته طيبة

وردة البرتقال،
ستفكر
بأنني قنينة عطرٍ
اشتركت بصناعتها
جزر العراة
وأجسادها المنسية

بينما الطير..
سيعتقد بأنني فزاعة
تمنعه من الرقص
وتحقيق السعادة

البرقُ..
هذا العدو اللّدود
سيهاجمني
بشهاب أحمر
معتقدا
بأنني بؤرة العماء
أو
بأنني نقطة مدببة
في خاصرة القمر

أما سجين الرأي
ذو العقل البلاستيكي
الذي يشبه عقلي
سيجعل مني
رمزا
أو
نصبا عملاقا
لحرية لن تأتي

الوحيدة
التي ستبقى معي
التي تعرفني جيداً
تلك الواقفة
في تلك الحفرة
تلك التي تبكي
تلك التي تلطم
تلك التي تجزم
بأنني فقدت عقلي
تلك أمّي

في الواقع
لم أفكر في دمعتها
بشكل عملي
ولم أضع سدا بيني
وبينها
كل الذي أردته
هو..
أن أعبّرَ بشكلٍ صريح
عن انضمامي
للطبيعةِ المتناغمة
وأن أشرب ماءً
صافيا
من عيون الأرض
لكي أرتوي
وأفهم
لماذا..
لا تترك الغزلان
غابة الأسود؟

كلّ الذي أردته
هو..
أن أكتشفَ علاقة
الماء بالزورق
لكي أصنعَ شيئا
وأفهم
لماذا..
لا يصير
الماءُ صلدا؟
ولماذا..
يصرُّ الزورق
دائماً
على الترنّحِ
والهذيان

كل الذي أردته
هو..
أن أعرف
سرّ السعادة
على فمِ الدلافين

أنا واثق
لو كان للماء
ذلك الطيف من الألوان
لانطفأت نجوم القلب
واسودّت سماء العيون
.
ولو كانت له
تلك المرارة
التي
في فمي
لماتت فيه الكائنات

ولو كان له
ذلك الإبط الكريه
لما طار طير
في فضاء

الماء صفات
في خاصرة التكوين
بينما الصحراء
تشويه غامض
في طبيعة الكائن

أقرُّ
وبكلِّ جنوني
بأنّني غاشم وغشيم
وأعترف بكلّ تأكيد
أمام جدارٍ من عقيق
اِنّ الميولَ للقتل
أو
الرغبة في التفوّق،
هي هزيمة مطلقة

أحاولُ
أن أتصالحَ
مع فكرة العدل
لكنّ الظلمَ
يصدّ التصرفَ
ويمنع السّلوك!

أحاولُ
أن آكونَ منسجما
مع شجرة
أو
متناغما
مع عصفور
لكن التشويه
ذلك
الوحش المشفّر
يدفعني
إلى جهةٍ أخرى

الحروب كلّها
تجري مثل نهر
حتى..
غدوت شكاكا
في طبيعة الماء

الحروب كلّها
تدورُ مثل أرضٍ
حتى..
صرتُ خائفا
من ماهية التراب
أدور ..
وأسعى للهواء

يا الله
يا أيّها المتبرعم
في أصابعي
أليس
الدفء رغبة،
في الاحتراق؟
أجبني!!

يا أيّها الزعيم
أليسَ الصلح
عقوبة للخصام
والسلام طعنة
بوجه الشرور
أجبني !!

لماذا إذاً
يعاقبنا الوجود
ولماذا
يقترفُ الربُّ
كلّ هذه الذنوب؟

بالتراكم وحده اكتشفتُ
أن التسامحَ على الجريمة،
جريمة أخرى

وبالتجريب وحده تيقّنتُ
أن التوبةَ لا تردع الخطّاء
عن خطيئته
ولا تصدّ الفاعل
عن فعلته

أخيراً..
أقول أن التوبةَ،
خدعةٌ للذات
أو
طرفةٌ
تمرّرُ على الجرح
إصبع الندم

يا آدم قل
هل أنت فعلاً
ندمت؟
أم
هي حجّة للتوسع
وإنشاء المستوطنات؟

الغراب..
إلى الآن
يدفن أبناءك
وأنتَ..
إلى الآن
توشم
صورةَ معبدٍ
فوق جبينك

ليس لي طريقا سواك
ليس لي طريقا سوى
أن أتعرى
أن أرقص
أن أقاتل
في الذّاتِ
وفي غيرها

كلّنا
في صراعٍ
غير عادلٍ
كلّنا
على صراطٍ
غير مستقيم.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *