شعر بعدسة ليلا سعيدي

عن الكاتب المغربي الطاهر بن جلون، كتب عن تجربة الفنانة المصورة ( ليلا السعيدي) (يتميز عمل ليلا السعيدي، في كل مراحله، بحضور طاغ للشعر، غامض وسري. الشعر باعتباره صيغة لإثبات الذات في العالم، رؤية متمركزة حول الذات والآخرين، ومقاربة حقيقية بكل تأكيد. كل عمل لهذه الفنانة الكبيرة هو قبول بالشعر. لا يمكن للشاعر أن يعلن عن نفسه بشكل شخصي. سيكون ذلك شيئا غير لائق. يبقى للآخرين أن يبحثوا عن الشعرية في عمل ما)

ان اعمال الفنانة اغلبها يمتلك روح الشرق الممزوجة بشي من الغرابة التي تميل الى السريالية التي تحرر التصورات وتجعلها أكثر ذكاء ونبوغا: هذه المشاهد المكتوبة، المرسومة، التي تم الاشتغال عليها بشكل متطلب، وهؤلاء النساء اللواتي يجري تصويرهن في أماكن لم يعد لها وجود. هذه الشخصيات التي تفوح منها عطور النعيم، هذه النظرات التي تواجهنا، هذه الوضعيات التي تقطع الصمت، ليست إلا تهيؤات وأوهاما. هؤلاء النساء، بجمال فتان، اللواتي يلبسن قفاطين من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين: أزياء من ضوء وذهب، حلي من زمن كان فيه الفن يتخلل الحياة اليومية. كل هذا الإبداع المبتكر من طرف صناع تقليديين مهرة يجري إخراجه اليوم، لكي يلبس ببهاء فاتن من طرف نساء في ريعان شبابهن. هذا الألبوم ( الحريم ) ماهو الا إعادة النظر بشيء متفرد ولديها شيء لا يوصف: كل هؤلاء النسوة اللواتي تحولن إلى جزء من حائط في فضاء وحدتهن، ينتظرن. إنهن، هنا، لكن ذلك ليس سوى مظاهر، ما دام أن الحريم لم يعد لهن وجود، كما أنهن غير متأكدات من أنهن هنا. فن المراوغة هو انشقاق جميل عن المظاهر،،.
تلخص أعمال الفنانة لاشتغال فني يوثق لمفهوم الجمال من خلال التقاليد والماضي، وإعادة الاعتبار للمرأة الشرقية في واقعها الحقيقي لا المتخيل، ما جعلها تفتح نافذة تاريخية على هوية المرأة وثقافتها، وحتى بيئتها المعمارية، مع تناول تداعيات الحاضر على أوضاعها، ولذلك لم تفعل، في أعمالها، أكثر من العودة إلى طفولتها، في مراكش، بالمغرب، لتعطيها فرصة استعادة الماضي، لكن بنظرة الحاضر.
وبين نقوش الحناء والرصاص، وما رافق ذلك من توظيف للأزياء والحلي التقليدية وفنون العمارة، تركز ليلا أكثر على تصوير الأنوثة وإبراز فتنة الجسد،من خلال استعانة اجواء بعض اللوحات العالمية كفتاة الرسام انجر التي تحولت الى مستلقية شرقيه ، يقوم المعرض على عمل فوتوغرافي بقياسات كبيرة، يعتمد التصوير والكولاج الضوئي التوليفي، في سبيل إعادة صياغة فنية تقوم على الرجوع إلى ما رسمه فنانون مستشرقون، مثل جون دولاكروا، وغيره، في محاولة لتجاوز أحكامهم، خالقة استذكارا للعمل الأصلي ب«فنطازية» معاصرة، مزينة بنقوش وكتابات عربية اللغة، قوامها الزخارف الهندسية المتنوعة، وروعة القفاطين والحلي وتميز فن العمارة المغربي.