(للِْمَوْتِ يَدانِ ناعِمَتان) عشر قصائد للشاعر الفرنسيّ/ طوما ڨينو
ترجمة الشاعر المغربيّ (خالد الشبيهي )

عشر قصائد للشاعر الفرنسيّ (طوما ڨينو)
1ومع ذلك كل صباح
الحياةُ تنهك الناس الذين يحبون بعضهم.
الحياةُ تنهك الجلد. الأثواب. سراويل الجينز. ألوان الصوف. الحياة تنهك مفاصل الأبواب. البراغي. الحواف. الأجساد. الأسنان. الابتسامات.
الحياة تنهك العيون. نعومة الشعر. الصباغة.
رسوم الأطفال. رشاقة الحركات. الهيكل العظمي. اللُّعب. الكتب. الظهور. الأحلامَ مثل جلد تميمة. الشعلات. الألواح الخشبية. الغضب والفرح. الصور. المشاعر. الذكريات.
الحياة تنهك الأحجار. الجبال. النجوم. بل حتى الصحاري
تنهكها الحياة.
2قصيدة حسنة النوايا
أن تكتب قصيدة تحك مثلما يحدث عند أولى لسعات البق في هذا الفصل.
أن تكتب قصيدة بطعم عصير الفراولة الذي أشربه هذا الصباح، فوق سطح وأنا أقطع أظافر رجلي (أو العكس).
أن تكتب قصيدة تحتفظ بصدى المنشار الكهربائي القاطع في البعيد.
أن تكتب قصيدة تجفل مثل النهار الطالع مثل ظهر العناكب المكسو بالشعر. مثل زقزقة الطيور.
أن تكتب قصيدة تنتظر على الطاولة مثل مطرقة طفل وبصيلات أزهار البيفوانا. فنجان فارغ، صورة غوريلا، ومسامير كوخ خشبي.
أن تكتب قصيدة يمكن خلطها بالماء وسائل تنظيف الأواني لإحداث فقاعات.
أن تكتب قصيدة من نمال تخرج من جحرها بأكتاف محملة.
أن تكتب قصيدة حسنة النوايا.
أن تكتب قصيدة ترش على وجهها الماء البارد وتنتفض وهي تزفر بفمها بقوة مثل حصان.
أن تكتب قصيدة تفرغ القمامة وترتب الملابس.
أن تكتب قصيدة تضع أصابعها الشديدة النعومة بين أوراق السنابل الزنبقية والأرض الرطبة لإزالة الأعشاب الميتة.
أن تكتب قصيدة تصفر متقدمة.
أن تكتب قصيدة تتمطى في الفراغ الساطع للضوء، وهي تحضن برحابة كل ما يحويه الآنُ الرحب من رحابة آنية.
3قطرة قطرة
نحن لا نملك سوى يدين
رأس وقلب
كيف يكفي
ذلك
لمواساة طفل
سيصبح رجلا؟
4أطفأتُ نور المصباح
أطفأت نور المصباح
لم يبق هناك سوى قليل من الضوء الرمادي
يتسلل من النافذة
أنا وحيد
النار تزفر
كل شيء يبدو على ما يرام
لقراءة إيميلي ديكنسون
5بِخُفَّيْ حُنَيْن
أنتِ التي لا تصلين
المطرُ
الذي لايسقط
الكلمات
التي لا تأتي
أنتظر شيئا
وأعود بخفي حنين
من هذه المسيرة
الطويلة البيضاء
داخل النهار
6الليل يشتعل
أُُطفئُ آخر الأضواء
يشتعلُ الليل
أمضي إلى السرير مُتَخبِّطا في سَيْري
أجلسُ بِهدوء
فَهِيَ تنامُ
تتنفَّسُ
مثل ملاكٍ مُتْعبٍ
أَنْدَسَّ تحت الغطاء
عَلَيَّ أن أتلمس حرارتها
دون أن اتسبب في إيقاضها
فنحن لا نوقض
ملاكا متعبا
7سماءٌ مثل سِنْدان
هذه اللحظة
المعدنية
بين النهار
والليل
صمتُ
آخرِ
الأغصان
التي تقْتات
من الضوء
8لا شهية لي في قتل أحد
لا شهية لي في قتل أحد
حتى الأغنياء
حتى الأغبياء
أشتهي أن أكرع كؤوسا
وسط الصحراء
أن أدخن سيگارا
أن أنظر إلى السحليات
أن أستحم في رماد
وغبار النجوم
9للِْمَوْتِ يَدانِ ناعِمَتان
تَخْبِطُ خَطَواتِي الثقيلة خَبْطَ عشواء تحت مطرٍ من الأوراق الصفراء.
أَجُرُّ قدمي في حثالة الخريف المالحة.
الحَلزونات تَفْتَرِسُ العالم والشمسُ تلمع فوق القبور. وتخنقنا السماءُ بكل هدوء بالحرير والمخمل.
10جوع
البحثُ عبر النافذة
ثم التفتيش فوق الأرصفة
في القاذورات
في الأماكن الظليلة
فوق سطوح الشرف
في مجاري المياه
شريط النباتات المعقودة
المعذبة
الحفر والأزقة الصغيرة
ملعب كرة القدم
مستودع السيارات
المدرسة
وسطيحات الحانات
بائع الأسماك
وشحوم الصباح السوداء
تحشر عينيك داخلها
تبحث عما مايسد رمقهما.
……………………………….
(*)طوما فينو، من أهم أصوات الجيل الجديد في الشعر الفرنسي الحديث. له أعمال شعرية وأدبية متنوعة.
القصائد من مجموعته “فور سقوط الأمطار”
الصادرة عن دار (عاليا) سنة 2014