عازفة الكمان تطلق لحنها وتذرُّ الرماد في عين المنفى “العشاء الأخير للرماد”

مقال: عنفوان فؤاد

عازفة الكمان تطلق لحنها وتذرُّ الرماد في عين المنفى “العشاء الأخير للرماد” كتابٌ شعريٌّ عن الحبّ والألم والمنفى…

كتبت: ع.ف.

أصدرت الكاتبة والفنانة الكردية السورية “رويا إسماعيل” كتابها الأوّل تحت عنوان (العشاء الأخير للرّماد) عن دار (موزاييك) للدراسات والنشر في تركيا. ويُعتبر هذا الإصدار باكورة أعمال الشاعرة. لوحة وتصميم الغلاف من اشتغال الفنان “أنس سلامة“، جاءت المجموعة في 113 صفحة من القطع المتوسط. تُستهل بمقدمة للكاتب والناقد العراقي “محمود عواد“. المجموعة الشعرية عبارة عن مزيج من النصوص النثرية الشعرية والتي تناولت ثيمة الحبّ والألم، والحزن النبيل، الحياة بسقطاتها والكارثة بحمولاتها، تكتب رويا النصّ الشّعري بفلسفة تمثّلها ومزاج يخصّها، وثوابت تعتنقها، بعدم التبرّء من كرديها بكل ما تحمله من وجع وألم وتهجير وشتات، لهذا عبّرت عن موقفها بالتمرّد على اللّغة والجغرافيا والحياة ككلّ.. هاهي تكتب للخلاص علّها تنجو بما تبقى من إنسانيتها وأحلامها وطموحاتها، ما جعل نصوصها متفاوتة الحدّة والغصّة بأبعاد اجتماعية وثقافية وبيئية وحتى سياسية. هي لا تختصر الأنثى برهافتها وهشاشتها وخواطر وردية في مناجاة الحبيب أو البكاء على الأطلال، إنّما تكتب بشفرة حادّة على جسد الشّعر بغية ترك ندبة تدلنا عليها ثمّ تأخذنا في نزهة مفتوحة داخل قفص المنفى الذي يحدّ من حريّتها إلّا أنّها تسرّب لنا تفاصيل يومها وصمتها وصلتها بالمكان والمجتمع بأعراقه، سواء الذي تحمل جيناته أو الذي اضطرّت للتعايش معه، بسبب التهجير، فكانت هذه البرقيات الشعرية لا للاستغاثة وطلب ّالنجدة بل للتهكّم على واقع بات يتشابه في كل البلدان. فالصراع قديم والجرح غائر والغصّة متوارثة في حنجرة الكرد.

بعض عناوين المجموعة: بلا هويّة، جواز سفر، اسم فصيح أو لغة أصف بها صوت البوم الحارس، أحلامنا كما أجسادنا، أنا المنفية من حدود إلى أخرى، أتوه في مدى السياج، وأجرّ أنصاف اللغات خلفي، ما الحبّ، دعني أبقى قليلاً أخرى،

وبخصوص ديوانها تخبرنا الشاعرة “رويا إسماعيل“:

《تعرفت على الشّعر مبكراً وذلك بفضل أختي “هزار” التي كانت تمضي طوال وقتها في القراءة والكتابة ثم الترجمة. وتضيف رويا؛ فتحت أمامي، هزار، أبواب الشعر والأدب ووجدتني ذات يوم أكتب… كيف حصل الأمر لا أعرف لكنني اكتشفت منذ أول وهلة أنه يشكّل نوعّا من الحلّ.》

 

يجدر الإشارة أن “رويا إسماعيل” شاعرة وعازفة كمان وفنانة كوردية سورية، تخرجت من جامعة غازي عنتاب عن فرع سينما وتلفزيون، درست بالموازاة الإعلام في جامعة أناضولو بتركيا. وهي حاصلة على إجازة ماجستير في مجال التصميم البصري من جامعة أناضولو، وإجازة ماجستير في سينما وتلفزيون من نفس الجامعة.

تعمل “رويا إسماعيل” في مجال التصوير الفوتوغرافي لها عدّة أفلام قصيرة من إخراجها:
• نهاية الرصيف (2018)
• أين أنا (2019)
• آخر كانسون(2019)
• سينما الأبدية (وثائقي 2020)
• الخبز والزهر (2021)

تتحدّث أربع لغات (كوردي، عربي، تركي، إنجليزي)، وتترجم عن وإلى اللغة العربية والتركية، لها عدّة مقالات ونصوص تمّ نشرها في مجلات ومواقع منها: (الحوار المتمدن، فينكس، مجلة سبا، مدارات الكورد، مجلة تموز ، مجلة النقد).

▪︎من أجواء المجموعة:
.

• دعني أبقى قليلاً أخرى
.
دعني أبقى قليلاً أخرى
أرتّب وجهي حين تتسرّب السماء من الكون
ويتحوّل الهواء لصوت كمنجة
أطيل النظر في المكسورات…
قافلة أعضائي الفارة مني
والمدى

دعني أبقى قليلاً أخرى
أخسر أنفاسي واحدة تلو الأخرى
وأتوه في إيجاد باب الغياب
أو الحضور
وتلذّذ أنت بين ثديي الفلسفة

دعني أبقى قليلاً أخرى
أتدرّب على إغلاق الباب بشكلٍ محكمٍ
وأكبر مع حبّ عابر تحت الجلد
دعني أبقى قليلاً أخرى
أخبرك عن حرب تتكاثر في حلمي ووجهي
وتبتسم على تقمصي دور الضحية

دعني أبقى قليلاً أخرى
أجد طريقة لقتل جلدي
وحياتي القليلة
وأتبع رائحة الهاوية وحيدة حرّة
وأنام على جثّتي إلى الأبد
بينما تبحث عن حلم تقبّلني فيه.

••• ••• •••

▪︎ما الحبّ!
.
ما الحبّ؟
حبرٌ ينجلق في الدم!
عمرُ الفراشة المنتهي!
قمرٌ أبيض يختفي خلف البياض إلى نهاية السواد!
كونٌ يتوّج بالبحة!
والسراب المعدم!
تذهب…
يسأل الهواء من الجسد
يتحوّل موسيقى بلا قدمين
وكرة فارغة منتصف يديك
لا ألمح في هذه السماء يد
أو كأس بعد الغبار
وتموت الدهشة على الأرض
بعد أن تصاب بعضال السقوط
لماذااااا…!
لماذا؟
يتأخّر هذا الجسد الرّمادي على الرّماد
ويتسّع فنجان القهوة هذا ويتسّع
ليغرق فيه جسد سائل والأزل
ولم يعد يهمّ
ولم يعد يهمّ
ارتجاج الدّماغ عند كل مفرق
أو سكتة القلب كل سقوط
ولا أزال أسقط وإياي

ما الحبّ أقول؟
رصاصٌ يتكاثر على الصدر!
نزيفٌ في الحنجرة!
طابورٌ من النيسانات الباردة!
وكونٌ ينجلخ بعد سكر طويل!
ما الحبّ؟
أقولها
وأدير ظهري لعقلي
أوشجرة يابسة أعلى حديقة العظام

ولمن هذا الدّم؟
شارعٌ متفلطح على جسدي
وأعضاءٌ تغرق تحت جلدي
ما الوقت تقولُ:
تردّ على نفسك:
هنا أم هناك
تقول كلاهما
تقول لايزال ذاته
حين قلت أحبّك على بعد ألف وخمسة مئة كيلو متر

ما الحبّ يا حبّ؟
دعنا لا نبدأ من البداية
دعنا هناك…
نتسّكع
والغبار
والوضوح
وننام على حتمية البياض
معنا وبدوننا
كأرضٍ زرقاء إلى نهاية السماء
دعنا نتسّمع لتزاوج الطبيعة عند الفجر
لشجرة لا تقول:
أيّها النهر …لماذا غيّرت وجهتك؟
ونغادر سقف السماء مترنّحين
في قصيدة تحملنا إلى أكثر ما فينا.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *