حيدر حيدر (1936 – 2023)، وداعاً أيّها السنونو الأخير

لاهاي- لازورد للثقافة والمعرفة

صاحب “وليمة لأعشاب البحر” يترجّل من صهوة الحياةويتحوّل إلى سنونو

كتبت: ع.ف.

▪︎رحيل واحد من أعظم وأجمل الروائيين والحكّائيين، حيدر حيدر والذي راهن على القارئ، الفطن، الذي قدّم له عمله الأدبي، قبل الناقد الذي يستنسخ النظريات النقدية بلا ذائقة أو حرص على ما يقدّمه من قراءات مستهلكة.
▪︎صاحب الموقف الحرّ والمبادئ العالية، والرّوح المناضلة، الكاتب الإِنسان المتحرّر من عبودية الفكر والمخلص لعزلته يستقيل من مهنة الحياة ويطلق عنان السنونو في فضاءٍ يشبه روحه.
.
▪︎فقدت الرواية العربية اليوم واحدًا من أعظم وأجمل الروائيين والحكّائين عبر مسيرتها الطويلة..
رحل الروائي السوري الكبير “حيدر حيدر” في ساعات الفجر الأولى من صباح اليوم الجمعة 5 مايو، عن عمر ناهز 87 عاماً، في مسقط رأسه “حصين البحر” على الساحل السوري. تاركًا وراءه إرثًا كبيرًا من الكتب والروايات والاحترام بوصفه مناضلًا لم يبع صوته لأحد ولم يهادن يومًا أحد.

▪︎وكان قد أعلن خبر رحيله نجله، صاحب دار “ورد” للنشر، على صفحته في فيسبوك بالقول: “الفهد غادرنا إلى ملكوته”، في إشارة لبطل روايته “الفهد” (1968)، التي تحولت إلى فيلم سينمائي بالاسم نفسه للمخرج السوري الراحل نبيل المالح.
▪︎”حيدر حيدر” مواليد حصين البحر- طرطوس1936، صاحب رواية “وليمة لأعشاب البحر“، من القطع المتوسط والتي تقع في 700 صفحة.
إحدى الروايات الأكثر جدلاً في تاريخ الرواية العربية، والتي دوّنها بعنوان فرعي: “نشيد الموت” وصدرت طبعتها الأولى في قبرص عام 1984.
والتي تدور أحداثها حول مناضل شيوعي عراقي فرّ إلى الجزائر، ليلتقي هناك بمناضلة قديمة تعيش عصر انهيار الثورة والحلم الجزائري، هذه الرواية التي تركت جدلاً كبيراً ومنعها الأزهر بدعوى الإساءة للإسلام وتطاول على الذات الإلهية ومنع تداولها ونشرها من قبل السلطات العربية المختلفة.
ظلّ الروائي العنيد “حيدر حيدر” لمدّة عام كامل متربّعًا على عرش المشهد الثقافي المصري والعربي وحظيت “وليمة لأعشاب البحر” بقراءة واسعة وحقّقت مبيعات غير مسبوقة داخل وخارج مصر.
▪︎اتسمّت أعمال وحياة “حيدر حيدر” بالتمرّد وتجاوز القيود المحدّة للابداع والتعبير سواء الدينية أوالسياسية.
كما كتب روايات أغضبت الظلاميين من رجال الدين.. والمثقفين المزيفين وكتب قصص قصيرة، وكان من أكثر المحرضّين على التمرد، وحرية الفكر، وكسر أغلال العقل العربي.
▪︎ويُعتبر “حيدر حيدر” أحد مؤسسي اتحّاد الكتّاب العرب في دمشق ثم غادر دمشق إلى الجزائر في عام 1970 ليعمل مدرّسًا في مدينة عنابة، وواصل الكتابة والنشر في الدوريات العربية وفي العام 1974، عاد إلى دمشق واستقال من التعليم، هاجر إلى لبنان حيث عمل في إحدى دور النشر مراجعًا ومصحّحًا لغويًا، ومع بداية الحرب اللبنانية، التحق بالمقاومة الفلسطينية في إطار الإعلام الفلسطيني الموحّد، واتحّاد الكتّاب الفلسطينيين في بيروت، وفي أوائل الثمانينات، غادر بيروت إلى قبرص ليعمل في مجلّة (الموقف العربي) الأسبوعية مسؤولاً عن القسم الثقافي فيها، ثم عاد مرّة أخرى إلى لبنان بعدها بعامين، بعد رحيل المقاومة الفلسطينية عن بيروت في العام 1982، إثر الاجتياح الإسرائيلي، عاد إلى قبرص ثانية مسؤولاً عن القسم الثقافي في مجلة (صوت البلاد) الفلسطينية، عاد بعدها إلى سوريا وتفرّغ للعمل الأدبي.

 

▪︎أشهر أقوال حيدر حيدر
أنا أهتم وأراهن على القارئ، هو الذي أقدم له عملي الأدبي، خصوصًا أن هناك عددٌ من النقاد يطبقون نفس النظريات النقدية على كل الأعمال الروائية وليست لديهم الذائقة ليستنبطوا من كل عمل مميزاته الخاصة التي تختلف عن الأعمال الأخرى. — حيدر حيدر

 

▪︎تُرجمت قصصه إلى عدّة لغات أجنبية من ضمنها: الألمانية، والإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والنرويجية.
▪︎ونال الراحل حيدر خلال مسيرته الأدبية عدّة جوائز منها:
• جائزة مهرجان لوكارن
• جائزة مهرجان كارلو فيفاري
• جائزة مهرجان دمشق للسينما الجديدة.

▪︎ومن مؤلفاته الروائية:
• “الزمن الموحش” (1973)،
• “الفهد” (1978)،
• “وليمة لأعشاب البحر– نشيد الموت” (1983)،
• “مرايا النار– فصل الختام” (1992)،
• “شموس الغجر” (1997)،
• “هجرة السنونو” (2008)، و”المفقود” التي فيها أصداء من سيرته الذاتية.

▪︎وله في القصّة:
• “حكايا النورس المهاجر” (1968)،
• “الوعول” (1978)،
• “التموّجات” (1982)،
• “غسق الآلهة” (قصص)، وغيرها.
وقد كتب في المقالة وجمع بعضها في كتاب يحمل عنوان “أوراق المنفى- شهادات عن أحوال زماننا” (1993)، كما عرفت السينما بعض أعماله، أشهرها فيلم “الفهد” الذي أخرجه نبيل المالح عام 1972.

وبرحيله نكون قد فقدنا قامة أدبية عربية قلّ نظيرها.
حيدر حيدر، وداعاً أيّها الروائي العنيد،
لك المجد وأنت هناك في الملكوت الواسع تنعم بالحرية الأبدية.

••• ••• •••
▪︎ الكولاج المرفق: عنفوان فؤاد

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *