الجسر بين اللوحة والقصيدة
إعداد: د.يوسف حنّا
الجسر بين اللوحة والقصيدة
إعداد: د.يوسف حنّا
ابتكر الرسامون الانطباعيون والشعراء الرمزيون أُسطورة جديدة لا تزال تبهرنا حتى الآن. لطالما كنت مفتونًا بالمقاربات بين الرسم والشعر. كم من مرَّة نقول أَنَّ هذه القصيدة لوحة، بورتريه، كتابة عن الطبيعة وبإيحاء منها، أَو أَنَّ الشاعر يرسم بخياله “مشهداً” أَو كما يقول أَحد الرمزيين: “الأَنغام والأَلوان والأَشكال، هذه هي حياتنا كلّها”، أَو نقول عن إِحدى اللوحات بأَنَّها قصيدة من أَلوان، أَو أَن اللوحة لها إيقاع…
لقد ساعدنا هنا “جاك بريفير” الذي اقترح أَنه لرسمِ صورة طائر، على سبيل المثال، يجب أَن نرسم القفص أَولاً. لا أعرف ما إِذا كان الرسام “رينيه ماغريت” يعرف أَبيات بريفير أم أن الشاعر الفرنسي كان قد يشاهد لوحة الرسامة البلجيكيّة “أوليفيا”، فماذا جاءَ أَولاً الشعر أَم اللوحة؟ يوضِّح لنا الشاعر الروماني القديم هوراس (HORATIUS/ ق.م 65-8) في “فَن نَظْمِ الشِّعْر/ ut pictura poesis” إذ يَعتقد أن اللوحة يجب أن تُقيَّم وفقًا لنفس معايير القصيدة، وهذا لا يعني أَنَّ الشعر والرسم فنّان توأمان، كما كان يُعتقد لفترة طويلة. حتى لو كان الفنانون الانطباعيون والكتاب الرمزيون مرتبطين بالبوهيمية.
لقد ميّز غوته أَيضًا في عصره فكتب: “أَصبح الفرق بين الفنون التشكيليّة وتلك الخاصة بالكلام أو بالكتابة واضحًا لنا وأَدركنا مدى انقسام مراتبها، بغضّ النظر عن مدى تأثر أُسسها”. لكن دعونا لا ننسى أن السرياليين الرومانيين (رومانيا) اخترعوا نوعًا هجينًا، وهو “pictopoesia أَو “Pictopoeia”. الشاعر، مثل الرسام، “ينعم بلون العوالم البعيدة”، والرسام بدوره يرسم معجزة الحياة، دون أَن يسحق “تُوَيْج عجائب الدنيا”. يحبُّ الرسام والشاعر الحياة والحريَّة ولديهما اعتزاز غير عادي فيما يتعلق الأَمر بالدفاع عن مَثلهما الأعلى. يحبُّ كلٌّ منهما المطلق ولكن أَيضًا السُّكر والشراب، أَمّا الحانة يمكن أن تصبح مكانًا للإلهام. ابتكر رواد الحداثة والرسامون الانطباعيون والشعراء الرمزيون أسطورة جديدة، عن البوهيمية الباريسية، والتي لا تزال تبهرنا لأكثر من قرن من الزمن.
▪︎اللوحة ديجيتال: عنفوان فؤاد
1 Tristan Tzara, by M.H. Maxy. 2 Baroness, by Merica Ramniceanu. 3 Portrait of a Woman, by Jean David. 4 Composition, by Marcel Iancu. 5 A dreaming woman, by Victor Brauner. 6 Composition, by Hans Mattis-Teutsch.