مئوية الأدب الفارسي الحديث

ترجمة وتقديم: محمد الأمين الكرخي | هولندا

مئوية الأدب الفارسي الحديث
ترجمة وتقديم: محمد الأمين الكرخي
الملصق الرسمي للاحتفالية
كان عام 1921 نقطة تحول في تاريخ الأدب الفارسي المعاصر: محمد علي جمالزاده بمجموعته القصصية ”كان يا ما كان“، ونيما يوشيج بقصيدة ”أفسانه“ (الأسطورة)، وحسن مقدم بمسرحية ”عودة جعفر خان من بلاد الإفرنج“، ومرتضى مشفق كاظمي برواية ”طهران المرعبة“ لم يكونوا، ولا شك، أول من أشعل شرارة التحديث في الأدب الفارسي. فقبلهم أعمالٌ لكتاب بارزين آخرين في هذه الأنواع، ولكن تم اعتبار هؤلاء الكتاب، من الناحية الرمزية، معمارِيِّي المبنى الجديد للأدب الفارسي في بداية القرن الرابع عشر (هجري قمري).
لقد برهنت ”الثورة الدستورية“ (1905-1911) أنها لم تكن مؤثرة في السياسة بقدر ما كانت حركة اجتماعية وثقافية يقودها كتّاب ومثقفون قدموا رؤية جديدة للأدب الفارسي بطرق تتماشى مع القيم الحديثة. وفتحت فصلاً جديدًا في تاريخ الأدب الفارسي لينفخ حياة جديدة في إيران ويصبح رفيقًا للأحداث التي كان الإيرانيون في القرن الجديد يختبرونها تدريجياً.
تُوَحِّدُ المثقفين المجددين في الأدب الفارسي المعالجة الدقيقة والصائبة التي أشار إليها الرائد محمد علي جمالزاده في بيانه الأدبي في مقدمة مجموعته القصصية سالفة الذكر: ”إن سبب تخلف الناس كان بعدهم عن القراءة والأدب كأداة للمعرفة. والطريقة الوحيدة لجعل الناس يقرؤون هي تحرير الأدب من برجه العاجي وجعله أقرب إلى العقل واللغة.“
وفقًا لذلك، في الذكرى المئوية للأدب الفارسي المعاصر، يسعى الإيرانيون إلى مراجعة صفحات هذا الملف بعناية والأسماء الأساسية التي جددت الأدب الفارسي والتيارات والحركات الأدبية التي أسست لها، والأثير الذي أحدثته في عقلية الفرد الإيراني، وهذه من النقاط الجوهرية التي تسعى المؤسسات والمنظمات والمحافل الأدبية إلى أعادة قراءتها عبر تظاهرات ومؤتمرات ومهرجانات دولية ووطنية.

منتخبات من الشِعر الإيراني الحديث

انبثقت بوادر التجديد في الشِعر الفارسي في مستهل القرن الفائت بعد جملة من التغييرات الجذرية التي طرأت على الحركة الثقافية الإيرانية في مجالي المسرح والرواية تحديدا، ففي المسرح تم إخراج العديد من المسرحيات العالمية الشهيرة ذات المضامين الاجتماعية والفكرية، فيما ساهمت ترجمة روائع الروايات الفرنسية والإنڴليزية والروسية في ضخ روح جديدة في النثر الفارسي مما جعله ينفتح على قاموس الحياة اليومية، كما لعبت الصحافة دورًا بالغ الأثر في تشذيب اللغة الفارسية من عبء الصور المستهلكة (الكليشيهات) التي طغت على الأدب الفارسي منذ أفول المدرسة الأصفهانية في نهايات القرن السابع عشر ميلادي. فكانت النقلة النوعية الأولى في مضامين الشِعر الفارسي على يد مجموعة من الشعراء الصحفيين؛ شعراء انتموا إلى اتجاهات سياسية وتيارات فكرية مختلفة، كان العديد منهم يترأس تحرير صحف يومية وأسبوعية، كمحمد تقي بهار (1886-1951) صاحب صحيفة ”نوبهار“، وأبي القاسم لاهوتي، وأديب بيشاوري (1842-1931)، وأيرج ميرزا جلال الممالك (1874-1925)، وعارف قزويني (1838-1929) وميرزادة عشقي (1893-1924)، وهم شعراء اتسمت قصائدهم بنفس ثوري رومانسي. أما على صعيد التقنية فلم يساهم هؤلاء الشعراء المنخرطون في النضال السياسي بتقديم رؤية جديدة أو شكل جديد، غير أننا لا نستطيع إنكار دورهم في وضع حد للقصيدة التقليدية وإبداع قصيدة ناضلت معهم من أجل تحقيق مكاسب اجتماعية، وإن لم تخل من مسحة الحزن الرومانسي الذي يبلغ أحيانا حد النرجسية. لقد مهّد هؤلاء الشعراء (وشعراء آخرون بادروا إلى كسر الأوزان الشعرية والتمرد على ثوابت القصيدة الكلاسيكية؛ كـتقي رفعت، وجعفر خامنئي، وشمس كسمائي وأبي القاسم إلهامي). أما الطريق إلى الثورة، حتى على مستوى الشكل، فسيطلقها علي إسفندياري الملّقب بنيما يوشيج (1897-1960)، رائد الشعر الفارسي المعاصر بلا منازع. فبعد قراءات معمّقة للشعر الفارسي الكلاسيكي وشعراء المدرسة الخراسانية بشكل خاص (وهي المدرسة المهتمة بتوظيف الأسطورة والنفس الملحمي واعتماد لغة فخمة)، زاوج نيما يوشيج تجربته الشعرية (وبحكم تضلعه في اللغة الفرنسية التي درسها في مدرسة سان-لوي بطهران ) بما نهله من الشعر الفرنسي الرومانسي. ويرى بعض النقاد أن النجاح لم يكن ليحالف تجربة هذا الشاعر لولا مزاوجته بين الرومانسية الكلاسيكية الفارسية المتمثلة بنتاج ”المدرسة العراقية“، وعلى رأسها حافظ الشيرازي، والرومانسية الكلاسيكية الفرنسية. وقد بدأ الشاعر هذه التجربة الثرية مع قصيدته الشهيرة ”القصة الشاحبة“، إذ قدّم مضامين إنسانية لا تخلو من أثر الرومانسية الكلاسيكية الفارسية، مطعّمة بفضاء الحرية المستمد من التجربة الفرنسية. وقد أشار يوشيج في تنظيراته وكتاباته النقدية إلى أن الدخول إلى عالم الحداثة لا يمكن أن يتم دون المرور بالمرحلة الرومانسية. وبالرغم من الرفض التام الذي واجهته قصائده الأولى من قبل أنصار الشعر الكلاسيكي، إلا أن الوسط الأدبي سرعان ما احتفى بملحمته ”الأسطورة“، والتي أشار بعض النقاد إلى تأثرها الكبير بالموشحات الأندلسية، كذلك الأمر مع قصيدته ”أيها الليل“ وقصائد أخرى هجر فيها الرومانسية وتأرْجح بين النفس الكلاسيكي والمعاصر، مرتكزا على واقعية حادة لم يألفها الشعر الفارسي من قبل، يستشف منها وعي عميق بالزمان والمكان واللغة والمجتمع، قصائد بوأته مكانة مرموقة كشاعر معاصر تعتمد رؤيته الشعرية على الموضوعات الاجتماعية والطابع القصصي وخلخلة التتابع السائد لنظام التفعيلة بالاعتماد على الإيقاع الداخلي. وبسبب الاختناق السياسي الذي شهدته البلاد بعد انتهاء الفسحة الديمقراطية 1942-1947، انتهج نيما يوشيج الرمزية في قصائده ووظف حكايات ذات دلالات رمزية كـ ”كليلة ودمنة“ وقصص مستوحاة من الأدب الفارسي الكلاسيكي. كما كتب قصائد عديدة اتسمت بالذهنية المفرطة. بعد يوشيج، واصل جيل شعري تلاه مسيرته، ممثّلا بـأحمد شاملو، ومهدي أخوان ثالث، وفريدون مشيري، ومنوجهر آتشي، ونصرت رحماني، ونادر نادربور، ورضا براهني، ومحمد حقوقي، وسهراب سبهري، ومحمد علي سبانلو، وفروغ فرخزاد وآخرين. نادرا ما نلحظ غياب صدى الواقع الاجتماعي في الشعرية الفارسية (باستثناء الشاعر سهراب سبهري). وقد أفرط بعض شعراء هذا الجيل في محاكاة الواقع الاجتماعي إلى أن أنهك القصيدة بتقريرية مملة. وبالرغم من الجهود المضنية التي بذلها الشاعر أحمد شاملو من أجل مسار شعري مغاير لنموذج يوشيج، إلا أن عوامل عديدة حالت دون نجاح هذا المشروع لعل في مقدمتها ارتكاز قصيدة شاملو على المضامين السياسية تارة وعلى موضوعة الحب التقليدية تارة أخرى. كما شهدت فترة الخمسينات جدلا حادا وردود فعل عنيفة تجاه قصائد النثر التي نشرها هوشنك إيراني في مجلة ”الديك الحربي“، تحت تأثير السريالية بعد عودته من فرنسا، أما المحاولات الأكثر أهمية في ترسيخ مكانة قصيدة النثر فقد جاءت مع جماعة ”الموجة الجديدة“ التي ثارت في ستينات القرن الماضي وأرست مناخات جديدة في الشعرية الفارسية، ومن أبرز رموزها الشاعر أحمد رضا أحمدي الذي تتسم قصائده بمهارة عالية في المزج بين الفكرة والصورة الحسية واعتماد الذائقة البصرية عبر تداعيات ذهنية تمنح المخيلة فضاءً شاسعًا لتفصح عن رغبة عميقة في الهروب من الواقع أو التعالي عليه رغم توظيف مفرداته؛ والشاعر يد الله رؤيائي الذي اهتم في منجزه الشعري بتفجير اللغة وإثرائها بمفردات ودلالات جديدة. في الستينات أيضًا فاجأت الشاعرة فروغ فرخزاد الوسط الأدبي بقصائدها ذات النبرة الاحتجاجية المتحدية لكل القيم الاجتماعية السائدة. وتشكل مجموعتها الشعرية ”ولادة أخرى“ علامة مشرقة في الشِعر الفارسي المعاصر. وقد شهد عقد السبعينات من القرن الماضي إعادة قراءة للموروث الشعري الفارسي الذي يمتد قرابة الألف عام كما كان للجهد النقدي المنفتح على المناهج الفكرية والنقدية الغربية دور بالغ الأهمية في رفد حركة التحديث التي استطاعت أن تقطع شوطا مهما في التحرر من هيمنة التيارات الثقافية الإيديولوجية. ومع الثمانينات تم إعادة الاعتبار للشاعر سهراب سبهري الذي ركّزت تجربته الشعرية على البعد التأملي وتوظيف المناخ العرفاني في القصيدة الحديثة بعد أن همّشه الوسط النقدي ولسنوات طويلة بسبب إهماله للواقع الاجتماعي، كما شهدت هذه الفترة لجوء العديد من الشعراء إلى القوالب الشعرية الكلاسيكية وعودة قصيرة الأمد إلى الشعر الملحمي فرضتها أجواء حرب الخليج الفارسي الأولى، كما ساهم الشعراء الأفغان المقيمون في إيران بتجديد الغزل كشكل شعري قادر على استيعاب المضامين الجديدة. ومنذ التسعينات إلى يومنا هذا، يشهد المشهد الشِعري الفارسي انفتاحًا على اتجاهات متنوعة بتنوع المصادر الثقافية وتجارب مهمة مسكونة بهاجس التجريب وتقويض النمطية السائدة، أصوات شعرية همّها ابتداع جماليات جديدة وقصائد تحمل في طياتها مستويات عديدة من التواصل مع الذات والعالم.

— المترجِم —

  • فروغ فرخزاد: وردة حمراء

وردة حمراء

وردة حمراء

وردة حمراء

هو اقتادني إلى مزرعة الورود الحمر

في الظلمة علق على جدائلي المضطربة وردة حمراء

ثم ضاجعني على وريقة وردة حمراء.

أيتها الحمائم الكسيحة

أيتها الأشجار اليائسة الساذجة

أيتها النوافذ العمياء

تحت قلبي،

بين حنايا خصري

ثمة وردة حمراء تنمو

حمراء كبيرق سامق يوم قيامة

آه، حبلى، أنا حبلى،

حبلى

  • سلْمان الْهرّاتي: هديّة

إلى پابْلو نيرودا

جغْرافيتنا

من الشّجر إلى الْبحْر

تسْتقْبل الْحوادث الْحمْراء.

تحْليق الطّيور ممْتع للنّظر.

رغْم كلّ معْرفتي بك

في حيْرة أنا

لم لمْ تكْملْ طيور سواحل الْكاريبي ديْمومة عيْنيْك

في تلْك الْاسْتضافة الزّرْقاء؟

يؤْسفني غيابك

وإلّا لأهْديْتك باقة ورْد محمّديّ

لتسمّم بعطْرها

كلّ طغاة الْعالم.

  • بيجن جلالي: ذكرى رجل

الليل الزلال الأزرق الذي في مياهه الشفافة تلمع الأصداف. وافتقد بسمتك وضيافتك السخية وأتشبّث بأذيال معطفك المترهل. الذي إن قدر لي أن أتدلّى من زرقته فسوف تساقط مني الأوجاع وأغفل الصيف والخريف وأتشبث بك، متحررا من حكايات حبي الناقصة. ناسيًا النساء وأجسادهن الملونة، وتلك الخطوط التي تطوق شفاههن مزمومة كانت أو منفرجة. أنسى الأم والأب والأخ في انشغالاتهم ومكابداتهم ومصائرهم. الوطن السالف والوطن الراهن، بؤس الناس وخيط أمانيهم. الحيوانات المطرودة إذ تصدر رائحة شواء أجسادها من أفران الضواحي لتتنقل في المدينة من بيت إلى بيت. الكلاب الوفية السائبة والقطط النحيفة الماكرة والعصافير البلهاء. ربما حينما أتعلق بك. أبكي بحرقة، وأحدثك عن صداقتي مع الأرض وأشرح لك معنى الفاقة وأمتدح الحمقى، ذلك أنني حينما أتمسّك بردائك، أكون قد تجازوت درجات الأرض والألم والفقر والحماقة. وها هو ذا بكائي ونشيجي. ليلك أم رؤوفة لجمال الكون والغيوم هالتك البيضاء. وهل القمر وجهك الساطع الشاحب الذي يتخفّى خجلا وراء السحب، ذو النظرة الشاخصة العاجزة عن إدراك هذا الألم وتلك الفوضى والباكي بهدوء. أنا ابنك البار الوقور يا ليل ومثلك روحي نائية ومقدودة من قماشة الرؤيا وشاحبة. روحي لا تعي شيئا من سلوك الكون. نائية آلاف الأميال وتسعى جاهدة إلى مشاركة الأطفال والبراعم ألعابهم وإلى ترويض أجساد النساء، وها هي رفيقة الفاقة والعجز والألم، لقد رافقت روحي الفصول الأربعة، وسايرت الحزن والأمل. روحي حب ساطع يطوي في رمشة عين مدار الأرض ويقطع المسافات الشاسعة بين النجوم. بين الأمس واليوم، بين حزنين وكآبة، بين أمنيتين، يا ليل بحثت عن وجهك الحالم في الينابيع وفي عيون النساء وفي عمق البئر وها أنت ذا ملك جميع ساعاتي وها أنت ذا تحكم مملكة شاسعة من أكوام الأمل الأخضر ودماء الأحزان الملونة. لن تموت أبدا نجومك المنتسبة إليّ. وفي معبدك أشم عطر الأجساد النضرة وفي جنينتك أغرس ورودي. وما أفكاري سوى درجات قصرك المرمري، وأحوالي محظياتك اللواتي تتلمذن على يديك. من أجلك أعتز بشمس النهار ورقصة وريقات الشجر. وفي حضرتك أقدم البشرية قربانا بين يديك. وحينما أتمسّك بأذيالك، أصير مثلك أبدية معطاء.

  • روجا جمنكار (1980-): دعاء الحصان في قعر الفنجان

 

وحدقتاه تضيقان

وتعصران حنجرتي.

مثل طرق الجنوب،

ظلي يتمطّى على الجدار المواجه لسرير رطب.

هطلت أمطار غزيرة على آثار قدميك

ولا أرض أغور في أعماقها.

بعد الظهيرة

بلا أمهات عاد الأطفال من المدرسة.

رائحة القهوة تلتف حول رقبتي

أتلوى ألما

ذلك أن الماء

أزال ذات يوم جميع التجاعيد من فستاني.

في جوار صبايا مرعوبات

مررت كوحش

بضفائري التي جرحت حوافر الطريق الأربعة

وفي جوار الرحم التي أفرغت أعماقهن

وذلك الشعور الثقيل الرازح في كف الرجل

يوما اثر يوم

ينقص شيء ما من جسدي

لا قعر للفنجان

والحصان يأبى الهبوط.

تحت طاق البستان

يداي على شاكلة صليب

وتماثيل حجرية ذات تسعة أعوام صفقت لي

خرائب قبل التاريخ تنهار فوق رأسي وجسدي وذاتي

البحر يواصل الضغط على نفسه

والمرفأ نام على رائحة القهوة

أقسم بالملح وحبات الرمان الحامضة

لا حصان ولا جسر

مع ذلك فقد مر الرجل ليلا

قولوا للأعمدة الحجرية ولتوأمي في بغداد

إن العروس نائمة على حرير أسود.

 

  • سهْرابْ سپهْري: عنْوان

— أيْن بيْت الصّديق؟

هكذا تساءل الْفارس، فجْرا

تأنّت السّماء

أهْدى الْعابر غصْن النّور الْمتدلّي منْ شفتيْه لظلْمة الرّمال

وأشار بإصْبعه إلى صنوْبرة، وقال:

— قبْل الشّجرة،

ثمّة نسيم أكْثر اخْضرارا منْ حلْم الله

هناك الْعشْق أزْرق بحجْم أجْنحة الصّداقة

تذْهب إلى نهاية ذلك الزّقاق الّذي يفْضي إلى الْبلوغ

ثمّ تدْلف نحْو ورْدة الْعزْلة

قاب قدميْن من الْورْدة

تمْكث عنْد النّافورة الْخالدة لأساطير الْأرْض

ستنْتابك رهْبة شفيفة

ستسْمع في صفاء الْفضاء خشْخشة

ترى طفْلا تسلّق صنوْبرة شامخة

ليخْرج منْ عشّ النّور فرْخا

هناك تسْأله: — أيْن بيْت الصّديق؟!

  • صادقْ رحْماني: أخْضر أحْمر في 3 حركات

 

أ. قنْديل

في هذه الْحديقة الْمظْلمة

كلّ غصْن

أضاء قنْديلا بتفّاحة حمْراء

 

ب. سكّين

ألتّفّاحة الّتي شطرتْ بدقّة إلى نصْفيْن

أنْظرْ

أنْظرْ إلى عدالة السّكّين​​

جّ. تفّاحة

كما شجرة

يا لروْعة التّحْديق بالْعالم

مجرّد التّحْديق​​

وإلّا فالسّلالم الْمتلصّصة

تدْرك جيّدا

أنّ ما منْ تفّاحة يمْكن اقْتطافها

  • أحمد رضا أحمدي: باقة ورد

في غفْلة منّا

فقدْنا باقة ورْد

كنّا حريصين على حيازتها

لمْ نتوقّعْ قطّ أنْ تخْلو حياتنا منْ وجودها

كنّا نتساءل دائما:

”أبسبب الْإرْهاق

خسرْنا تلْك الْباقة؟“

ذات ليْلة ماطرة

جاء إلى بيْتنا رجل وقال:

”بالْأمْس رأيْت باقتكمْ

في طابور بمحطّة باص،

كانتْ متوسّطة الْقامة،

ترْتدي معْطفا مشمّعا بألْوان زاهية؛

بعْد محطّة، ترجّلتْ معي من الْحافلة،

زوّدتْني بعنْوانكمْ وأصرّتْ على أنْ أزوركمْ

لطمْأنتكمْ أنّها بخيْر.“

حين رحل الضّيْف، رأيْنا من النّافذة

شابّا يقدّم باقة ورْد لفتاة خرجتْ على عجل من الْمقْهى

رمت الْفتاة باقة الْورْد في السّاقية

ركض الْفتى نحْو الْباقة

لكنّها توارتْ تحْت الْقنْطرة.

قالتْ لي زوْجتي:

”عليْنا أنْ نفكّر بباقة ورْد أخْرى،

ما زلْنا في ريعان الْحياة.“

  • روح الله الخميني: نتفة عرفانية

مِنْ يَدٍ آسٍرَةّ

كَاتِمَةٍ لِلسٍّرِّ

خُذِ الْكَأْسَ.

  • موسى بيدج: ربيع أصفر

لا يوجد فصل أكثر حكمة من الخريف

لا يدّعي صلة بالورد

ولا جني النسيم

يشبه رجلا ثملا يقهقه في الزقاق​:​

اللعنة على العدم

الموت للوجود

  • آسية حيدري: بدون عنوان

ابتلعنا البنادق أسوة بعبراتنا، إذ كلما شعرت بالاكتئاب تلاعبت أمي بجهاز التحكم في التلفاز عسى أن تصير الحياة بالأبيض والأسود من جديد، عسى يعود من جبهة الحرب شقيقي.

  • نغمة مستشار نظامي: مَقاطع

عرجاء تدور عقارب الساعة، حين يتوق لقلبك قلبي.

*

النوافذ مكررة، والنجوم أيضا

الشمس باهتة، والوردة حجارة

حين يتوق لقلبك قلبي.

*

اسمع وقع خطى عابر

الجو غائم.

أنت من قماشة المطر

ومن قماشة القصيدة أنا.

*

على وشك الربيع

اثنتا عشرة غزلية مضت وما زلنا في انتظار لحظة شعرية

*

مطر بلا عاطفة يجلب الجفاف

*

تحية الشاعر: بكاء خفي.

  • أحمد شاملو: قصيدة حب

ذاك الذي يقول أحبك

ما هو الا مطرب حزين فقد أغنيته

الحبّ

ليته كان قادرًا على الكلام

 ألف هدهد مبتهج في عينيكِ

ألف كناري حزين في حنجرتي

الحبّ

ليته كان قادرًا على الكلام.

 ذاك الذي يقول أحبك

إنما هو قلب حزين لليلة

تبحث عن قمرها

الحبّ

ليته كان قادرًا على الكلام.

 ألف شمس ضاحكة في تبختركِ

ألف نجمة باكية

في أمنياتي

الحبّ

ليته كان قادرًا على الكلام.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *