الشاعر بالكاد يعبر الشارع | جديد جمال القصاص
عنفوان فؤاد
الشاعر بالكاد يعبر الشارع
صدر حديثاً عن دار “ميريت”/بمصر، للشاعر المصري جمال القصاص، مجموعة شعرية موسومة ب (بالكاد يعبر الشارع)
هو ديوان الشاعر، الرابع عشر، يقع في 170 صفحة.
صدر عن دار “ميريت” بالقاهرة،
لوحة الغلاف تفصيلة فنية مهداة من الفنان “محمد عبلة”. تصميم الغلاف: (دار ميريت).
هو كتاب من 7 فصول هي:
مثل طعنة سيِّئة الحظّ، عن يدين تستران القميص، ثمة بذخٌ في المشهد، في الغابة مطرٌ خفيف، في تحسين الخطّ، ممرٌ آمنٌ للفراشات، في وداع الطمأنينة.
(*) ومن أجواء الديوان/ نقتطف هذه المقاطع من الفصل الأول .
▪مثلَ طعنةٍ سيِّئة الحظ
• الشتاءُ غيَّرَ لَكْنتَهُ
ماذا يفعل فأرٌ عجوزٌ في الشّق، يمضغ فتات الأحلام، يتذكَّر كم كانت المصيدةُ أليفةً، تستر الغوايةَ برذاذ يشبه الحريَّة، يشبه شهوة الخلق. كيف يحرس صمته الشائخَ، في هذه السِّن الحرجة، دون صلاةٍ، دون ماكياج، دون قناع، وحيدا أبعدَ من بلادة القداس، من نبوءة العرّاف، من أجندة الخطايا، من بياض الكفن.
الإسكندريةُ قلَبتْ رمَّانةَ الميزان، محطة الرَّمل لم تعد تريك القلبَ، و”شمس الرُّخام” اختبأت في “خصام الوردة” . كنت أظنُّ أنني أحسنت الغَرسَ، أن عجلة الأيام لن يسبقني طيشُهَا.
قالت امرأةُ الإسكندرية، وهي تنعسُ في رغوة النيجاتيف على عتبة المتحف: أشكُّ في العلامة، في امرأة الموسيقى، أيهما كان الأكثرَ سخونةً، الأكثر دفئا، حين رفعتَهَا لأعلى، هدهدتها من أسفلَ، لم تطوِّح المحاذاةُ مغرفةَ النهر. خذني لمكان خبيث، أريد أن أسبح في مائي، دميتي لم تعد طفلةً، ويدك الِّلصَّةُ تعرف تواريخَ الملح، وكيف تنضجُ الفصوص.
▪
أردت أن أكون عاشقا بلا رسائلَ تفتِّشُ عن عريها، بلا سماءٍ لا لونَ لها، أردت أن أقطفَ الثمرةَ قبل أن تسقطَ من حِجر الإله، قلتُ: “أبي كان مأذونا/ أبي سرقته الكاميرا “، لم يكن الاختزال نيّئا، فقط طاشتْ مراهقةُ المنظر في الإناء، اللوحةُ تجمّدتْ في سرَّة التكوين، كان الكَسْرُ ضروريًا، ربما يتحرَّرُ الضوءُ من رغوته، ربما تضاجع الخطوطُ الفراغَ ، تسنده كبحِّة حنين في الطّبق.
لكنكَ عشتَ فيَّ، فرفطتَ عناقيدي كلَّها، نمتَ على ظهري، أيقظتَ الغابة، طهوتَ الجغرافيا والتاريخَ والأحلام، كنت أعرف كم قبلةً تخفيكَ في أوردتي، كم حضنا يردك لبداهة المجهول.
▪
• الذكرياتُ عكازُ الشيخوخة، تفرُّ مثل أرنب الموسيقى
ماذا ستفعلُ باليوم، بالغد.. أعشاشكَ المجنونةُ ترتجفُ، سحاباتٌ ناعمةٌ تركضُ كنمورٍ بيضاءَ تحت القميص، كيف تغمض عينيكَ على حرفٍ فقدَ عذريَّتَه، توسِّعه في الحلم، تتظاهرُ بأنك تحيا، تأكلُ، تشربُ، تكتبُ ، تشذِّبُ زوائدكَ الليليَّةَ، تمشي حافيًا في المطبخ، تتوهم أن النَّبعَ لا يزال حصانكَ الأمهرَ، أن خمسَ دقائقَ أخرى يمكنها أن تجعلَ الكينونةَ طريَّةً كرقائقِ القطيفةِ، كأصابعِ البرتقال.
للسرير فمٌ ولسانٌ، عينُهُ تمرضُ، تضيقُ في مصفاة الأحلام، وحدكَ في وحدك، لا شيءَ آخر يغيِّر حاصلَ الطَّرح أو الجمعِ، معادلةٌ طيِّبةٌ وقاسيةٌ، تحمَّلتها مثلَ طعنةٍ سيِّئة الحظ :
سأصدِّقُ أنكَ أنتَ
ولا أنتَ
سأدَّعي أن ثمة روحانيةً للوهم..
لا ترتعش وأنتَ تحلبُ رمادَ البؤس
قُلْ: عينٌ الطبيعة مريضةٌ
وفرشاتي صدئتْ
سوف تكتملُ الُّلوحةُ
فقط عليكَ في كل مرة أن تخطيءَ الهدفَ
لا حاجةَ لكلِّ هذا الكشط.
الورمُ أخفُّ من ذبابةٍ
أثقلُ من بصقة عصفورٍ
لكنْ قبلَ أن يهبطَ الليلُ
قبلَ أن تنتحرُ الشَّمسُ في بيضتها
تذكَّر أن الحياة لا تولدُ من تلقاء نفسها
عليك أن تلدها في اليوم ألفَ مرة
في داخل اللوحة
في خارج اللوحة.