غريب اسكندر | قصيدتان
الحيرة الكبرى
في ترجمة ديريك والكوت
تتبخترُ الكلماتُ
كما تتبخترُ طيورُ البَلَشون
في قصائده الأخيرة
التي كان يريدُ
أن يروي فيها الندمَ
فسبقتُهُ البهجةُ
في جنونهِ “الراكد كقارب مثقوب”.
لذلك لم احتجْ هذه المرة
الى “خيانات” أزرا باوند
التي تحوّلُ الرمادَ الى شجرة
والنهرَ الى لَجّة صامتة
ليس في الأمر أي سحر
هذا هو طقسُ الشعر؛
طقسُ الترجمة
كما يردُ في المعاجم السرية
للظلال والضوء
هكذا يتحوّلُ السيلُ الأعمى
إلى عصا متأملة
عندما تقتربُ المغامرةُ
أكثر فأكثر
تختفي التفاحةُ الذهبيةُ
في الصدى
تختفي الكلمةُ التي لم تكتب بعد
لكنَّ الحرفَ ينجو
كما تنجو النارُ
هذه هي الحيرةُ الكبرى!
يلتقي كلانا بما يموت
يلتقي كلانا بما يولد
وكلانا سيعبرُ الحلمَ
طافياً بالليل كلّه
كتابٌ مفتوحٌ كالأبد
هذه الشجرةُ الكونية
حيث الشعرُ
كلّ الشعر
ليس سوى قصيدة واحدة!
شراسة البراءة
“هو أكثر من شاعر واحد”
فرلنغيتي عن غينسبرغ
لم يكن السياب
أسيراً تماماً للفكرة التي تقول:
إنَّ الجرح نشيد صامت
وإن الكلمة مرساة هائمة
فقلب القصيدة مثل قلب العاشقة
لا شكلَ واحداً له
لا ظلَ واحداً له
مثل “أعمدة الضياء”.
مع ذلك
عندما يدلهمّ الليل
في دمه
كان يبحث عن سماء
بفجر واحد
وصوت واحد
عن شراسة البراءة؛
الحكمة التي تقول
إن العتمة صورة الضوء
صنوه الذي طردته الآلهة
كي نغرق في هذه الغبطة النادرة
التي انتظرناها منذ قرون.
هذه هي المعجزة
هذا هو الشوق
في الدروب المقفرة
في معبد المتاهة
يمر طيف آخر
ينبوع الرماد
“بويب” في وحشته الأخيرة.
ها أنتَ تطلي الآن
الأغصان المتجعدة
بالحلم والموت معاً
تكتب لنا أنشودة أخرى
عن الأمل!
كدهشة الماء
كرعشة اللهب
ربةِ شِعْر جديدة
ريحٍ مقدسة
تهبنا سحراً أخضر
تقهرنا على أن نكون
هذا هو سرُّ الحرية
سرّ الشعر
حيث أجلسُ الآن
متطلعاً الى تمثالك.