أغنية مُسرنمة – فدريكو غارثيا لوركا

ترجمة: عبدالهادي سعدون

أغنية مسرنمة[1]

(إلى غلوريا خينر

                 وإلى فرناندو دي لوس ريوس)[2]

خضراء أحبك خضراء،[3]

ريح خضراء، أغصان خضر.

المركب في البحر،

والجواد في الجبل.

الظلال في خصرها،

وهي تحلم في شرفتها

لحم أخضر، شعر أخضر،

وعينان من فضة باردة.

خضراء أحبك خضراء

تحت القمر الغجري

كل الأشياء تنظر إليها

وهي التي لا تقدر أن تنظر إليها.

خضراء أحبك خضراء،

نجوم صقيعية عملاقة ،

تمضي مع سمك العتمة

شاقة طريق الفجر.

التينة تدعك الريح

بسنباذ أغصانها،[4]

والجبلُ قط بري

ينفش أليافه الحامضة.

لكن من سيأتي؟ ومن أين؟…

تبقى في شرفتها،

لحم أخضر، شعر أخضر

و تحلم بالبحر المر.

ـ يا صاحبي[5] أريد أن أستبدل

حصاني ببيتك،

سرجي بمرآتك

و سكيني بمعطفك.

يا صاحبي أجيء مضرجاً بدمي

من موانئ كابرا.[6]

لو كنت أستطيع

لعقدت الصفقة

ولكنني أنا لست أنا

ولا البيت الآن بيتي…

 يا صاحبي أرغب بالموت

كما هو لائق، في سريري.

سرير من حديد لو أمكن

مغطى بشراشف هولندية.[7]

ألا ترى جرحي الممتد

من صدري حتى حنجرتي.

ثلاثمائة وردة سمراء

تتوزع على صدريتك البيضاء.

دمك ينز ويتضوع

حول زنارك.

لكنني لم أعد نفسي

ولا البيت الآن بيتي.

دعني على الأقل أتسلق

حتى الشرفات العالية

دعني أصعد، دعني

حتى الشرفات الخضراء.

حتى أسوار القمر

حيث يصدح خرير المياه.

الآن يتسلق الصاحبان

حتى الشرفات العارية

مخلفين آثار دم.

مخلفين آثار دمع.

بينما ترتجف على السقف

فوانيس الصفيح.

ألف طبل زجاجي

تجرح الفجر.

خضراء أحبك خضراء

ريح خضراء، أغصان خضر.

الصاحبان صعدا

و الريح الهائجة تترك في الفم

طعماً غريباً

من المرارة والنعناع و الحبق.

يا صاحبي، أين هي

أخبرني أين هي طفلتك المرة؟

كم من مرة أنتظرتكَ

وكم من مرة ستنتظرك

بوجهها النضر، وشعرها الأسود

في هذه الشرفة الخضراء.

فوق وجه الجب

تترنح الغجرية

لحم أخضر، شعر أخضر

و عينان من فضة باردة.

كتلة جليد قمري

تسندها فوق المياه.

الليل أليف

مثل ساحة صغيرة.

الحرس المدني السكارى

أخذوا يطرقون الباب.

خضراء أحبك خضراء

ريح خضراء، أغصان خضر

المركب في البحر

و الجواد في الجبل.

••• ••• •••

[1]  (Sonambulo) المسرنم أو الساري أو السائر في نومه هو أغنية (الرومانث) أو القصيدة وليس الشخصية الأساسية في القصيدة، من هنا جاء الإلتباس في ترجمة العنوان لدى العديد من المترجمين لهذه القصيدة. أشهر الترجمات العربية الخاطئة للعنوان جاء بهذا الشكل ( قصيدة السائر في نومه).

[2]  مثقفان تعلم منهما لوركا الكثير، بفضلهما سافر إلى نيويورك وكتب ديوانه الشهير. شقيق لوركا الأصغر تزوج بإبنتهما.

[3]  .   تعد اليوم بنظر النقاد والقراء من أروع قصائد الحب الوجدانية  المعاصرة والتي يعاد إنتاجها وغنائها والكتابة عنها في كل عام عشرات المرات. مع ذلك فهي قصيدة حب في وعن أرض الأندلس منشأ الشاعر، والكثير من الإشارات التي ترد في القصيدة هذه ومواقع أخرى تشير لذلك، رموز محلية معروفة مثل البحر والجبل وغيرها. 

[4]  السنباذ (Lija): ورق الصنفرة أو ورق الزجاج، ورق خشن من المواد الكاشطة. و لوركا يذكرها دلالة على خشونة أغصان التينة.

[5]  كلمة (Compadre) الإسبانية تعني العراب، العم، الصديق والصاحب، وكلها بغرض القربى. والغجر اليوم عندما ينادون أحدهم بذلك إنما يعني تحديداً (إبن العم) مجازاً، ونحن إخترنا (صاحبي) للدلالة القريبة.

[6]  المدينة، والعرب أسموها (قََبرة).

[7]  يرد ذكر الشراشف والأقمشة الهولندية وأحياناً الدمشقية أو الموصلية في الشعر الإسباني دلالة على الجودة والشهرة.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *