(الرسالة) للشاعر الفرنسيّ: هنري ميشو

ترجمة: خالد الأمين وأحمد الباقري

(الرسالة)

أكتب إليك من بلد كان مشرقاً فيما مضى
أكتب إليك من بلد العباءة والظل.
لقد عشنا لسنوات،
لقد عشنا على برج ذي علم هابط إلى نصف السارية.
أواه.. أيها الصيف!
أيها الصيف المسموم!
ومنذ ذلك اليوم فلقد كان نفس اليوم، اليوم ذو الذكرى
المغلفة..
يفكر السمك المصاد بالماء بقدر ما يستطيع، بقدر ما
يستطيع، أليس ذلك طبيعياً؟
على منحدر جبل تسلمنا ضربة الرمح.
بعد ذلك تغيرت الحياة بأجمعها.
وبعد لحظة تهدم باب المعبد.
يشاور أحدنا الآخر،
لم نعد نعرف
لم نعد نعرف أكثر من الآخر.
هذا الرجل ذاهل.
وذلك غير إيجابي.
الكل ضائعون.
لن يوجد الهدوء.
والحكمة لاتستمر إلى فترة الإلهام.
قل لي، من يتسلم ثلاث سهام في الخد،
ويقدم نفسه بأسلوب بارع؟
أخذ الموت البعض، السجن، المنفى، الجوع والشقاء
أخذوا الآخرين.
اخترقتنا سيوف مرتجفة كبيرة.
وبعد ذلك اخترقنا الدهاء والدناءة.
مَن على أرضنا لم يزل يوصل قبلة الفرح حتى أعماق قلبه؟
اتحاد النفس بالخمر قصيدة.
اتحاد النفس بالمرأة قصيدة.
اتحاد السماء بالأرض قصيدة.
لكن القصيدة التي سمعناها شلت إدراكنا.
وأغنيتنا العظيمة في العذاب لا نستطيع أن ننطق بها.
وأن في نقش الأحجار الكريمة متوقف.
تمر الغيوم ذات الخطوط الخوخية،
ونحن كالغيوم التي تمر بجانبها، محشوون بالامكانيات
الفارغة للحزن.
لم نعد نحب النهار، إنه يعوي.
ولم نعد نحب الليل المسكون بالهموم.
ألف صوت لنا للغوص فيه.
لا صوت يحمي أنفسنا منه.
إن جلدنا متعب من وجهنا الشاحب
الحدث عظيم، والليل عظيم كذلك،
ولكن ماذا يستطيع أن يفعل؟
ألف نجمة ليلية لاتستطيع أن تضيء فراشاً واحداً.
أولئك الذين استطاعوا أن يعرفوا لم يعودوا يعرفوا.
إنهم يقفزون بحركة، ويتدحرجون على العجلة، لكي
يحفظ كل واحد نفسه داخل نفسه؟
أنت لا تحلم بها
إن بيت العزلة لا يوجد في جزيرة الببغاء
أظهر الشر نفسه في السقوط.
النقاء ليس نقاءً
إنه يظهر عناده وضغينته.
يعبر بشر معينون عن أنفسهم بالنباح
ويعبر آخرون عن أنفسهم بالاحتيال
لكن العظمة لا يعبر عنها.
الألم في السر، الوداع للحقيقة، صمت شاهدة القبر.
صراخ رجل مطعون.
وضع الهدوء الجليدي والانفعالات المشتعلة أصبح
وضعنا، ويحير طريق الكلب طريقنا.
لم نتعرف إلى أنفسنا في الصمت.
ولم نتعرف الى أنفسنا في العواء، ولا في كهوفنا، ولا في
ايماءات الغرباء، وحولنا الريف لا مبال والسماء بلا قصد.
لقد نظرنا إلى أنفسنا في مرارة الموت
لقد نظرنا إلى أنفسنا في مرآة العهد المهان.
في الدم المسفوح، في الحافز المقطوع.
في مرآة الإهانات المسخمة.
ولقد عدنا في الأنهار الرمادية المزوقة.

••• ••• •••

(*)اللوحة للشاعر: هنري ميشو

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *