الدين والنزعة الإنسانية
د. عبد الجبار الرفاعي
الدين-والنزعة-الانسانية-مع-الغلاف
ما أعنيه بـ”النزعة الإنسانية” في عنوان الكتاب لا يرادف المصطلح الذي ظهر في العصر الحديث تماما،وإن كان يلتقي معه في أكثر دلالاته كالتشديد على مرجعية العقل،وإعادة الاعتبار للآداب والعلوم والمعارف البشرية ومهمتها العظمى في بناء الحياة وتطورها.وهو معنى يتسع للقيم الأخلاقية،والحقوق البشرية التي يستحقها كل إنسان بوصفه إنسانا من دون نظر لجنسه أو معتقده أو هويته العرقية.لذلك شددتُ في الكتاب ،على وفق المفهوم الذي شرحته لإنسانية الدين،على ضرورة العمل بالعقل واعتماده مرجعية في كل شيء،واستعماله في تفسير مختلف الظواهر،والبرهنة على كل قضية مهما كانت إثباتا أو نفيا،والثقة بالعقل في فهم الدين ورسم خارطة تحدد المجال الذي يشغله في الحياة ويحقق فيه وعوده،والكيفية التي يتجلى فيه أثر الدين الفاعل في بناء الحياة الروحية وإثراء المسؤولية الأخلاقية وإيقاظ الضمير الإنساني،وبناء صلة بالله تتكلم لغة المحبة وتبتهج بالوصال مع معشوق جميل،والكشف عن أن تجاوز الدين لحدوده لا يفقده وظيفته البناءة فقط،بل يمسي معها أدة لتعطيل العقل،وإغراق حياة الفرد والمجتمع بمشكلات تتوالد عنها على الدوام مشكلات لا حصر لها.وشرحت في موضوعات الكتاب المتنوعة كيف تمكن الإنسان من تحديث مناهج فهمه للدين،وتجديد أدوات تفسير نصوصه،والأهمية الكبيرة لتوظيف تلك المناهج والأدوات في الدراسات الدينية اليوم.وشددت على ضرورة التمسك بالتفكير النقدي لاختبار قيمة كل فكرة سواء كانت تتصل بفهم الدين وتفسير نصوصه أو غير ذلك،والكشف عما هو حقيقي وتمييزه عما هو زائف.وأوضحت أن النقد ضرب من الاختلاف وليس المحاكاة،وأن النقد العلمي للأفكار احتفاء بها وتكريم لكاتبها،وأن النقد ضرورة يفرضها تجديد حياة الدين وإثراء حضوره الحيوي في الحياة الروحية والأخلاقية والجمالية،وأن النقد هو الأداة العقلية الوحيدة لتصويب الأفكار وإنضاجها،وأن الفكر الديني الذي لا ينقد ينسى ويخرج أخيرا عن التداول.