ما زلتُ أَنهض للشاعرة الأمريكية مـايـا إنـجـيـلو (1928-2014)

ترجمة الشاعر الفلسطيني: يوسف حنا

 ما زلتُ أَنهض

يمكنُكَ تدويني في صفحاتِ التاريخ
بقساوتِكَ المَريرة وأكاذيبِكَ المُلتوية،
قد تُغالي وتدوسُ اسمي بكلِّ قذارة
لكنّي ما زلتُ، مثل الغُبارِ، سأنهض.

هل تُزعجكَ جُرأتي؟
لِماذا تتسربلُ بالكآبة؟
لأنّي أمشي وكأَنّ بئرَ نفط
يضخُّ في إيوانِ منزلي.

لأَني مثلُ الأَقمار والشموس،
ويقيني كحقيقةِ المَدِّ والجَزر،
تماماً مثلما تنبثقُ الآمالُ عالياً،
ما زلتُ أَنهض.

هل يرضيكَ أَن ترى انكساري؟
مُطأطِئةَ الرأسِ خفيضةَ العينين؟
متهدِّلةَ المنكبين مثلَ قطراتِ الدمعِ،
ضعيفةً من صرخاتي وعواطفي؟

هل تُغيظُكَ غطرستي؟
لا تأخذ الأَمرَ بهذه الفظاعة
لأَني أُقهقِهُ كمن وجدَ مناجمَ ذهب
وهو يحفر في فناءِ دارِه الخلفي.

قد تُطلقُ النارَ عليَّ بكلماتِكَ،
قد تُقطِّعني إِرباً بنظراتِكَ،
قد تقتلُني بما تحملُ من بغضاءَ
لكنّي ما زلتُ، مثلُ الهواءِ، سأنهض.

هل تزعجُكَ جندريَّتي؟
هل تباغتُكَ المفاجأَةُ لأَنّي
أَرقصُ كما لو أَني وجدتُ الماسَ
عند تلاقي فخذيَّ؟

خارجَ الأَكواخِ المُخجلةِ للتاريخ
أَنهضُ
من الماضي المُتجذِّرِ في الأَلم
أَنهضُ
أَنا المُحيطُ الأَسودُ، الواثبُ المُمتَدُّ
أَهتاجُ مفعمةً وأَنتفخُ في مدّي.

أَتركُ ليالي الخوفِ والرعبِ خلفي
أَنهضُ
وفي بزوغِ فجرٍ وضّاحٍ مُدهش الصفاء
أَنهضُ
لِآتيكم بكل العطايا التي قدمها أَجدادي،
أَنا الحلمُ والأَملُ للعبيدِ.
إِنّي أَنهضُ
إِنّي أَنهضُ
إِنّي أَنهض.

“ما زلت أنهض” قصيدة مشحونة بالطاقات للنضال في سبيل التغلب على التحيز والظلم. إنها واحدة من أشهر قصائد مايا إنجيلو. عندما تقرأ من قبل ضحايا الاضطهاد والأفعال الخاطئة، تصبح القصيدة نوعاً من نشيد، منارة أمل للمُضطهَدين والمظلومين..
إنه تذكير بإساءة استخدام السلطة والمغالاة في استخدام القوة من قبل أولئك الذين يجلسون في الحكومة والقضاء والجيش وقوات الشرطة. كما وأنها تبثُّ رسالة للجمهور، رسالة الأمل الواضحة والمتكررة. بغض النظر عن الظروف القاسية، يجب أن يكون هناك دائماً أمل، علينا التمسك به.
هذه القصيدة المثيرة مليئة باللغة التصويرية. تعمل كنوع من ترنيمة علمانية للمظلومين والمُستغَلين. الرسالة صريحة وواضحة – بغض النظر عن القسوة، بغض النظر عن الطريقة والظروف، ستنهض الضحية، وسيتغلب المُستعبَد على الشدائد. (لا عجب أن نيلسون مانديلا قرأ هذه القصيدة في حفل تنصيبه رئيساً عام 1994، بعد أن أمضى 27 سنة في السجن).
على الرغم من كتابتها مع مراعاة العبودية السوداء وقضايا الحقوق المدنية، فإن قصيدة “ما زلت أنهض” كونيّة بجاذبيتها. يمكن لأي فرد بريء، أو أقلية إثنيّة، أو أي دولة تتعرض للقمع أو الإساءة، أن يفهم موضوعها الأساسي بأن – لا تستسلم للتعذيب والبلطجيَّة والإذلال والظلم وغياب العدالة.

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *