أردوغان وأتاتورك: وجهان للتطرف
شعلان شريف
في عام 1204عبث الصليبيون الكاثوليك القادمون من أوربا الغربية بكنيسة “أيا صوفيا” الأرثذوكسية وحولوها إلى كنيسة كاثوليكية، كما نهبوا وأحرقوا وعاثوا فساداً في مدينة القسطنطينية. وعندما توفي القيصر اللاتيني الذي نصبوه محل القيصر البيزنطي عملوا له ضريحاً في الكنيسة.
* في عام 1261 استرد البيزنطيون الأرثذوكس عاصمتهم القسطنطينية وطردوا الصليبيين نبشوا قبر القيصر اللاتيني المدفون في كنيسة آيا صوفيا وأخرجوا عظامه ورموها للكلاب!
* في عام 1453 سيطر العثمانيون على القسطنطينية وصار اسمها اسطنبول، وتم تحويل كنيسة ايا صوفيا إلى مسجد وبقي كذلك حتى عام 1934 حين قرر كمال أتاتورك تحويله إلى متحف.
* أتاتورك وأردوغان وجهان لعملة واحد: عملة التطرف وتضخم الأنا القومية، وكلاهما ينتهجان ما يسمى بـ “سياسة الرموز”، اي السياسة التي تعطي الأولوية للقضايا الرمزية التي تحرك المشاعر القومية، على حساب القضايا الواقعية التي تمسّ حياة الناس. كان أتاتورك يركز في “نهضته” على “الرموز”، فحارب كل رموز الماضي العثماني، استبدل الحروف اللاتينية بالعربية، ومنع ارتداء الطربوش والعمامة ومنع غطاء الرأس النسائي في دوائر الدولة والجامعات، وحوّل مسجد أيا صوفيا إلى متحف. أردوغان يركز في نهضته المضادة على الرموز أيضاً، وآخرها قراره الأهوج بإعادة تحويل متحف ايا صوفيا المدرج على قائمة التراث العالمي إلى مسجد.
*أثناء الحروب العدوانية التوسعية القشتالية ضد الأندلس العربية- الموريسكية التي استمرت أربعة قرون، والتي تسمى ظلماً وتزييفاً حروب الاسترداد، وانتهت عام 1492 بسقوط غرناطة، حول الغزاة القشتاليون معظم المساجد في الأندلس إلى كنائس كاثوليكية، بما فيها المساجد الكبرى في قرطبة وإشبيلية وغرناطة التي تحولت إلى كاتدرائيات. أما منارة مسجد إشبيلية التي يقال إنها كانت في حينها أعلى بناء في العالم، فقد وضعت في أعلاها أجراس وصليب لتكون برج كنائس ملحقاً بالكاتدرائية، ولا تزال.
* تحويل دور العبادة حسب دين أو مذهب الفاتحين الجدد كان أمراً شائعاً في العصور القديمة. ويفترض أنه أصبح جزءاً من الماضي. لذلك لم يكن حرياً بأتاتورك أن يتدخل في شأن لا يعنيه كسياسي علماني، فيحول مسجداً إلى متحف، وكان حرياً بأردوغان أن لا يكرر خطأ سلفه ولكن بالاتجاه المعاكس، فيفتح دفاتر قديمة، ويحول متحفاً إلى مسجد.