ألان بوصكي: شذرات حول الشعر والشعراء

ترجمة الشاعر المغربيّ: خالد الشبيهي

شذرات حول الشعر والشعراء

• ما أن انتهيتُ من كتابة القصيدة حتى قالت لي:
“تنحَّ جانبا، فليس هناك مكانٌ لنا نحن الإثنين.

• تَفْتَرِسُ القصيدة شاعرَها فتجد أنه غير قابل للهضم.

• الحقُّ الوحيد الذي يمتلكه الشاعر هو أن يتناقض مع نفسه.

• أَعِدَّ جنازةً لقصيدتكَ كما كان الأمر تتويجا لها.

• لستُ سوى هَيْكلٍ عظمي تسكنه قصائد.

• لا تَعْرِفُ القصيدة سوى مِهْنَةٍ واحدةٍ هي زنا المحارم.

• هل أنا الفردُ الذي ألْتقيهِ أحيانا في آخر قصيدتي فَيَلُوذُ بالفرار.

• أنا هَيْكَلٌ عظمي غير مُجْدٍ لقصيدتي.

• قَصيدتي هي من يُدرك إن كنتُ حيا أو ميتا.

• -أينَ ولدتَ؟
-“في قصيدة”.

• القصيدةُ دمٌ صار وردة.

• الشاعر: مترجمُ العدم.

• عندما تَتَخَلَّصُ أبياتي الشعرية مني، تصير تحفا فنية.

• قال الرجل: جميلة هي شجرة الحور، فأجاب الشاعر:
“لأنها طائر”.

• – هَلْ تُلْهِمُ حياتُكَ قصيدتَك؟ أنا أرفض
هذه الفكرة الرائجة. فقصيدتي هي ما يلهم حياتي.

• القصيدةُ في طَوْرِ الكتابة خَلاصٌ، وبعد كتابتها إِلْتِزام.

• الفلاسفةُ محرومون من التناقض. إنهم يستحقون ذلك.

• الشعراء أوفر حظا، فهم لا يصلحون إلا لتقديس الكذب.

• مالذي تفعلهُ أيها الشاعر وحيدا في الحديقة؟
-“إنني أُزْهِرُ الغياب”.

• لكيْ تكون حُرّاً أَسْرعْ بأهانة المعجبين بك.

• بدايةً، سَتَقْتُلكَ قصيدة خَنْقا، بعدها سيكون بإمكانها معانَقتكَ. ربما تأخر ذلك.

• لَيْسَ من يغش هو القصيدة بَلِ الشاعر.

كُلَّما قرأتَ قصيدة صارت مِلْكَكَ.

• قصيدتي مسألة بيني وبينكَ. فلا تزعج نفسكَ بمساءلتي، فمسؤوليتي صغيرة في ذلك.

• الشاعرُ مُحْتالٌ صادِقٌ، نَهَبُه، في نهاية الأمر، طواعيةً،
ما لا يستطيع سَرِقَتَه.

• قصيدتي لاتقول لك أبداً: “صباح الخير، صباح الخير، كيف حالكَ؟”
بل تقول لك: “هيا، اخلعْ ملابسكَ كي أجري لك عَمليَّةً جراحيَّةً.”

• – مع من ستتحدثُ في الأخير؟
– “مع قصيدتي التي لم تكتمل”.

• لا يقبل الشاعر الفكرة إلا إذا كانت خاطئة.

• – سيدي، أنا أكتبُ القصائد بدمي.
– سيدي أنا أكثرُ حداثة، فأنا أكتبُ قصائدي بِدَمِكَ.

• “ليس هناك فرق بين شجرة وفكرة” قال: بيسوا.

• ماكان عليَّ أن أدعو رامبو للعشاء في بيتي.
فقد تَبَرَّزَ كطفل، كما هي عادته، على قصائدي.

• في قصائدي يَصْعد المطر من الأرض
ويعود إلى الغيوم.

• يريد الشعر أن يقول: “دمُكَ طائر، دمي شجرة،
دمنا نحن الاثنان دمعة حمراء تقتل الطائر، وتقطع
الشجرة الجميلة”.

• غُضَّ بصرَكَ أيها الشاعر،
فالسماء في كامل عريها.

• الشِّعر إيمان لكنه قصير الأمد.

• لقد فهمتُ قصيدتكَ، أَكَّدَتْ سيدة لعوب. فأجبتها وأسناني تعض قميصها:
“لم أكن أعلم أنها رديئة بهذا الشكل”.

• لقراءة قصيدة تَلْزَمُ أذن داخل كلِّ عَيْنٍ،
وعين داخل كل أُذْنٍ.

• في زمن ڨيَون، رونسار، هيغو و نيرفال، لم نكن نتساءل هل من الواجب أن يكون الشاعر ذكيا.
ومنذ مالارمي، تَغَيَّرَتْ الأشياء: هنا تكمن الجريمة.

• القصيدةُ في طَوْرِ الكتابة خَلاصٌ،
وبعد كتابتها الْتِزام.

• يَلتَهِمُ المراهق سنوات عمره، الرجل يُنَظِّمُها، العجوز يعدها، الشاعر ينساها.

• القصيدةُ عكازة الروح والروح لازالت عرجاء.

اختاروا قَصيدةً واقْرَأوها بِتَأَنٍّ. انتظروا، سَتَقْتَحِمُكُمْ. وَتَتَرَبَّعُ بداخلك، ستصبحُ حَقيقَتَكُمْ. لا تسألوا الشاعر لأن القصيدة لم تعد ملكه. بل اهربوا منه لأنه سيحاول خِداعَكُم.

• – لقد نظمتُ قصيدة عنكِ.
-ثلاثة عناقات بالكاد وها أنتَ تخونني مع الجُمل.

• في النثر لي امرأة واحدة.
وفي الشعر أنا متعدد الزوجات.

• عاجلاً أو آجلاً، سأقول أنا الشاعر للناثر:
والآن هيا خلِّصْني من شخصياتك.

• فيكتور هيگو، هذا الوَحْشُ الذي أتى على الأخضر واليابس، ولم يترك إلا بعض الفتات لبعض المرضى والمختلين عقليا: نرفال، بودلير ورامبو.

• أيُّ شاعر لم يحلم قط بأن يجمع عصابةً من القَتَلَةِ لتصفية منافسيه من الشعراء الآخرين؟ لقد قتلَ المتواطؤون مع فيكتور هوگو، تباعاً، كلا من: ألفريد دوموسيه، ألفونس دولامارتين، ألفريد دوفينيه وجيرار دو نيرفال. هذا أمر معروف.

• زرتُ الشاعر ستيفان مالارمي في بيته البئيس بمنطقة “ڨلڨان”. بلغت الحرارة خمسا وثلاثين درجة في الظل. وكان يرتعش وسط الأزهار. بدا لي عندئد مثل نبات الكراث بلحيته الصغيرة. كان يسعل عندما انزلق من يده شالُهُ الصوفي الاسكتلندي. فانبرى يلقي علي خطابا مطولاً عن عتاقة النحو الفرنسي. وقد بدا لي متحذلقا، ميالا إلى التَّعقيد، ومزيفا، فقلت له:
– “نعم، النحو، لقد قمت بِلَيِّ عنقه”.
فأخد يتلمس بعض التحف التي كانت قي متناوله. وكانت له أصابع مهووس. فعاوده السعال من جديد. وتقوس ظهره. فقلت له:
– “إنه ثقل اللازورد على رئتيك المسكينتين”.
ذكرى سيئة خلفتها هذه الزيارة في ذهني.

• بعد ست أو سبع محاولات باءت بالفشل تمكن نابليون الثالت أخيراً من اقناع فيكتو هوگو للعودة إلى فرنسا. فحل الشاعر في سرية تامة في إحدى الليالي بسان مالو. فقال الإمبراطور:
– “كيف هي گيرنيزي”؟
-بشعة، بشعة.
– “هل تحتاج إلى شيء”؟
– لا لا أحتاج شيئا بالتحديد.
– “هل تكرهني إلى هذا الحد”؟
– أبداً! أنتم برأيي تقومون بعمل جيد.
– “إذن عد إلى فرنسا، سأخصص لك استقبالا كبيراً”.
– لا أرغب في ذلك.
– “اشرح لي”.
– سيدي الإمبراطور، سأبوح لكم بسر. المنفى، يا له من دعاية!
ثم أفرغا زجاجة من مشروب السيدر لكن دون أن يوجه أحدهما الكلمة للآخر.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *