(ذاكرة مُصًفحة)

للشاعرة الجزائرية: مريم بوشارب

(ذاكرة مُصًفحة)

هل كانت تحصن جلدي،
أم تقطع عقد طفولتي؟
في الثامنة من عمري
أكثر قليلاً، أقل كثيراً
حقيقة لا يهم!
صحبتني أمي معها
في الطريق ابتاعت لي
الكثير من السكاكرِ والبالونات الحمراء
هل كانت تنفخ في رئتي؟
هي بالعادة لا تفعل ذلكَ
إلا حين تأخذني لطبيب الكسور لتكسر ما جُبِر مني..
جنيات الوجع كانت تحط على كتفي!
والخوف قط أعور يتربص بدربي
إلى أين هذه المرة يا ترى؟
وصلنا
منزل بسيط كجدائل شعري،
مرتب
فيه رائحة البخور الهندي
أقبلت صوبي عجوز بوجه لم تخف كل صبغات العطارين طعوناته النافرة
أمسكتني من يدي،
كنت أرتجف كسعفة وهي تمرر أصابعها فوق شعري:
_ جميلة… بريئة!

كانت جافة الملامح، هادئة جداً
أدخلتني معها إلى الغرفة، أجلستني فوق السرير
كشفت عن ساقيَّ
مددتهما وكنت أرتجف
لا أعرف شيئاً
حملت شفرة صغيرة حادة،
بحدة نظرات أمي وهي ترقبني عن بعد
مررتها مرة واحدة على ردفي
سالت الدماء غزيرة،
مسحتها بلباسي الداخليّ
كمدتها على سوءتي.
بدأت أبكي،
لكنها لم تأبه لصراخي ولوعتي
بل حملت حفنة من رماد فضي
لا.. لم يكن رماداً
بل كان جمرا يحرق سحنتي
مررته فوق رأسي بدوائر غريبة وهي تمتم شيئاً ما
لعلها كانت تقرأ معوذات تصبري
ثم رشته ساخنا فوق جرحتي
_ تبا
شعرت حقا بالوجع،
ورحت أتقيأ
كل ما مر من لحظات أدمعي
نادت أمي، وتمتمت في أذنها
_ “ستكون بأمان”
بأمان يا أمي لا تقلقي
ودعنا العجوز بعد أن شكرتها أمي
حتى أنها أعطتها مبلغا من المال!
علام الشكر!؟
على الألمِ، على الجرح!!
كبرت بضع سنين بعدها لأكتشف أنها كانت تحميني
لكن،
من شياطين الإنس أم الجنِ؟
وماذا عن شياطين شهوتي!؟
• • •
(*) مُصفحة: نوع من السحر يستخدمونه للفتاة حتى لا تفقد عذريتها قبل الزواج.

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *