باليت عمالقة فن الرسم

رؤيا سعد

 

يعرف افلاطون التخيل لدى المبدع اي كان مصور أو رسام يرسم في النفس أشباه الأشياء المدركة بالحس ويأخذ من الحواس موضوعات الحس التي تصبح مادة التفكير، و الفنان ليس انسان عادي بما يتمتع به من موهبة تجعله بشكل او باخر مفرط الإحساس ، بذائقة عالية لذا يخلق لنفسه عوالمه الخاصة المتقشفة غالبا و التي تقتصر على المكان والمواد والعدة مما يحتم عليه قضاء معظم أوقاته في محترفه بين ألوانه وحوامله و لوحه الخشبي ( الباليت ) هذه القطعة الخشبية التي تبدو غريبة بعض الشيء لغير المهتم بالفن في الشكل والحجم. قرون مضت والتشكيليون لا يستطيعون الاستغناء عن هذا اللوح نراهم يتهافتون للحصول على هذه القطعة الصغيرة التي تعتبر من المكملات الضرورية لعدة الفنانين بعضهم ممن ارتبط اسمه بتأسيس بعض المدارس الفنية الهامة في تاريخ الفن في أوروبا من القرنين التاسع عشر والعشرين والذي سلط عليهم الضوء من قبل المصور الفنان الألماني الجنسية ماتياس شالر منذ عام 2007 قام بتصوير باليت الالوان او مايسمى بلوح ألوان الرسام والتي أتت اغلبها كتعبير عن لوحات زيتية مجردة في مشروعه التصويري

الذي تشابهت فيه تلك الصور للوحات الخشبية( الباليت ) مع مشروع John Cyr Developer Trays ، والتي صورها شالر من داخل غرف الفنانين الخاصة المظلمة ولأكثر من مائتي من هذه الألواح التاريخية. وقد دفعه بحثه إلى جمع ألواح اشهر الرسامين التي قام بتصويرها وجمعها في هذه السلسلة بجولة استكشافية شملت جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة زار فيها المتاحف الكبرى و موسسات الفن او الممتلكات التي تعود الى عهدة أقارب الفنانين وهواة جمعها. تنتمي الواح التصوير التي صورها حتى الآن إلى سبعين رسامًا من القرنين التاسع عشر والعشرين ، وتشمل فنانين مثل مونيه، وماتيس وبيكاسوفان جوخ ، غوغان ، مانيه ، فريدا كاهلو وغيرهم ، سعيا منه الى تحليل واظهار تفاصيلها بدقة تصوير عالية كي يعكس لنا دقتها المتمثّلة بمزج الالوان على تلك الألواح مع ضربات الفرشاة الخاصة بكل فنان وقد أتت احجام هذه الصور كلوحات كبيرة الحجم تقريبا 190 × 150 سم ، هدفا منه لاكتشاف ما تمثله مواد التشكيل لهولاء الفنانين والتي عكست بعضا من سلوكياتهم وخبايا واسرار تقنياتهم في أعمالهم علما باننا جميعا نمتلك مايملكه شالر من شغف محرض على الاهتمام المستمر في كشف اسرار أساطين الفن التشكيلي وبتلك العلامات العرضية التي يتركونها وراءهم ، وما يمكن أن يقولوه عن هذا الوجود الغائب. لنكتشف ألوانًا غامضة على لوح جون سينجر سارجنت ، والحيوية الفائقة في التركيز على لوح فينسنت فان غوخ ، والنقوش المزركشة التي خلفها بول غوغان في لوحه الخاص ، وحقل اللون الكثيف الذي جمعه بيير بونارد ، واضطراب الألوان المتراكبة الذي خلفته فريدا كاهلو .
وعندما نتمعن بتلك الباليتات نجد بعضا من روح اعمال هؤلاء الكبار مثال ذلك باليت ماتيس الذي عرف بميله لألوان القوس قزح وحبه للطبيعة الذي بينه مرة بقوله ، إن لم يكن بإمكاني أن أذهب إلى الحديقة سأجعل الحديقة تأتي إليّ. أريد أن أصنع شيئاً أقرب إلى التجريديّة أريد أن أنقّي وأكثّف الصورة. عند النظر إلى الرسم عليك أن تقطع لسانك. لم أتوقف عن الرسم لمدة خمسين سنة متوالية. هذه السلسلة هي بمثابة اسرار الفنان المختبئة وراء الكواليس تعكس ميل الفنان لشحنة لونية معينة خاصة له قد سلكها في انشاء اغلب اعماله ان لم يكن جميعها ، و تعطي أيضًا نظرة مباشرة على التقنيات المفصلة التي قام بها كل رسام.
وان نظرنا الى باليت ألوان بيكاسو سنجد انه قد ميزها بقوله
إذا كانت هناك نقطة حمراء في إحدى لوحاتي فلن تُشكّل هذه النقطة لب العمل، لأني أكون قد رسمت اللوحة بدون أي اعتبار لهذه النقطة، ويمكنك إزالتها دون أن تتأثر اللوحة ولا يمكن ان نمضي دون الإمعان بباليت الفنان البريطاني فرانسيس بيكون سنجد هذا الأخير قد تميزت ألوانه بالقتامة وميله الى اللونين البرتقالي والأحمر بسبب اسلوبه المائل لتصوير الذات المشحونة بالآلام ، ويذهب شالر الى تصوير باليت ألوان مارك شاجال الذي كان يحلم بتزيين الكون بألوانه الشاعرية المشبعة بالطاقة المنتمية الى عالم الطفولة ولاننسى ان نعرج على باليت ألوان دييغا الحالم الذي اختص بعالم الباليه واجواء راقصات الباليه وميله الظاهر الى استخدام الابيض الحر ليوظفه توظيفا شديد السطوع لفساتين راقصاته

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *