قصائد للشاعر الايراني بيجن جلالي
ترجمة : محمد تركي النصار
قصائد للشاعر الايراني بيجن جلالي
ترجمة : محمد تركي النصار
بيجن جلالي (1927-2000) أحد أبرز شعراء قصيدة النثر في إيران. تمثل نصوصه الشعرية التي يغلب عليها قصر الجملة والتكثيف الصوري مساراً جديداً في الشعر الإيراني المعاصر.
وبالاضافة إلى صفاء الرؤية، والابتعاد عن التعقيدات اللغوية ، فان نص جلالي يعتمد على ركنين أساسيين هما الوضوح والعمق، ما جعل منه الشاعر الأكثر تأملية في الشعرية الإيرانية المعاصرة .
من أعماله: “الأيّام” 1962، “قلبنا والعالم” 1965، “لون المياه” 1971، “الماء والشمس” 1983، ” قصائد التراب قصائد الشمس “،” عن الشعر ” “خريطة الكون”، “قصيدة الصمت ” . وترجمت الكثير من نصوصه إلى عدة لغات .
قصائد جلالي البسيطة والموجزة هي حوار مستمر مع الله والعالم والطبيعة والقارئ. ويعتمد تكنيكه الشعري على كتابة المقاطع التي تمثل خلاصات لتجربته وغالبا مايترك هذه المقاطع بلا عناوين كما يلاحظ القارئ في هذه النصوص التي ترجمناها للشاعر .
كنت أهرب
مع الموت ,
الى المجرات البعيدة ,
لأن طريقي في الحياة ,
كان
مقفلاً
ومليئاً بالعثرات .
*
يتدفق العالم من النافذة
ليتصل من خلال عيني
بعالم ثان ,
أنا مثل جدول ,
ينساب بين مزرعتين
**
كم أتمنى
أن أكون مثل قطتي ,
أتسكع ,
في الظلام ,
بمحاذاة أسوار البيوت
ثم أعود ,
لأروي حكاية نزهة ليلي المتأخرة ,
من خلال نظراتي الغريبة
فقط .
**
مثل هذه الريح التي تهب
خارج نافذتي
أنا ايضا خارج نفسي ,
كمياه البحر
وكل ماهو في العالم ,
ممتلئ بي
*
مغمور
بهدير الأمواج ,
و البحر يبدو
مثل آلاف من الفقاعات ,
وأنا
مستلق
على سريره ,
كأنني واحدة من هذه الفقاعات .
*
نهاية الزمن
نظرة غزال جريح
لايزال يركض
لكن في عينيه الواسعتين
السوداوين
يشارف الزمن على نهايته
**
عندما تتأمل بصفاء
فإن الزهرة هي كل شيء ,
الأزهار
هي عيون الأرض
التي تحيينا بدهشتها المشرقة .
**
لدي كلام لم أقله بعد
ولم أكتبه
لأنه أكثر بياضاً من الورقة
**
يالهذه الغصون المتفرعة
من الشجرة ,
كل منها
يبحث عن طريقه الخاص ,
في هذا الفضاء .
أريد أن أموت
أريد أن أموت
لا أقصد أن قلبي سيتوقف عن نبضه
وجسدي يتحول الى جثة هامدة ,
توارى الثرى ,
أريد ان أموت ,
لا أعني انني سأتوقف عن سماع أي صوت ,
ولا أرى أشعة الشمس ,
فأغدو أعمى ,
لا أبصر القمر والنجوم
لا ,
لست هذا ما أعنيه , ,
فأنا أبحث عن موت اخر ,
موت هادئ وخارج عن المألوف ,
مثل الماء الذي تتطاير جزيئاته فيستحيل بخاراً ,
مثل تفتح البذرة ,
وغروب الشمس ,
والسماء الملبدة بالغيوم ,
أريد أن أفنى ,
لكي أولد في عالم آخر ,
عالم بكر لم يسم بعد ,
عالم لم أجربه بعد
يشبه الخيال ,
حيث كل شيء عادي
ماعدا الخوف من الفناء
ماعدا البؤس
والاحساس بالوحدة .
الشعر
1-
الشعر
هو جوهر ,
يوجد
ويسترخي بسلام ,
مثل بركة مياه صافية ,
في اعماق العالم
والشاعر
يخاطبنا
من خلال صفائه
2.
الذي يتبقى من الأسى هو أغنية ,
كلمات حافلة بالآمال ,
قصيدة من الحياة .
3.
ذهبت للإحتفاء بحقل نبات البرسيم وسط الزهور ,
وتوطيد علاقتي مع هذه الكائنات ,
قلت يجب أن أحيي الحقيقة والشعر ,
وهناك ,
أعزز علاقتي بسنابل القمح الناضجة ,
وألوانها الصفر ,
فهذه الزهور هي مصابيح ,
في الشعر ,
وتلك المصابيح البعيدة
زهور متفتحة في ظلام المساء .
4.
إلهي
أنت خلقت الزهور
مثل النجوم
في السماء
ونحن في أوقات
نستطيع الإنحناء باتجاه الأرض
لنخفي وجوهنا بين أغصانها وأوراقها
5.
لقد حل الليل
لكنني لم أتحدث بعد عن ليلي.
أنا
ومازلت أضغط زر ضوء النهار
مثل حمامة توكر على صدري
6.
هذا العام ,
كان عاماً جيداً ,
لأنني صرت أكثر دراية بالأرض من ذي قبل ,
وقمت برحلة
إلى البحار البعيدة ,
كما لو انني أعرف
إلى أي تربة يعود جسدي
والى أي بحر ينتمي قلبي .
..
تصل الكلمات ,
تحيي بعضها بعضاً ،
وتجلس جوار بعضها ,
فتبزغ القصيدة
وأطلقها أغنية
ثم أكتبها على الورقة .
..
أسمع صوتاً ساحراً
شخص ما يناديني بالإسم ,
وأرى اشراقة النهار ,
والوجه المتجدد للأرض ,
و الضياء الساطع ,
والماء طازجاً .
—
لاتسرق الأرض مني
لأنني بدون الأرض سأكون محروماً من السماء
فلا أستطيع سماع وقع أقدامي ,
ولا أعرف الى أين تأخذني خطاي
ولا نهاية هذا المآل
–
الأرض ,
والأرض مرة أخرى ,
والنجوم التي تلدها الأرض ,
والسماء أيضاً,
التي ستتحول إلى غبار ,
يوماً من الايام
—
أنت نائم ,
بين الأرض والسماء ,
في مكان ما من ذاكرتي ,
ونومك طويل ,
وحزني بلا حدود
—
صوتك
يتلون ,
مثل كرنفال من الأضواء ,
على ضفاف المساء ,
أو مثل الوداع
بين الربيع والزهور ,
—
سيدتي الفارعة ,
لم أفهم أبداً ,
الى أين تأخذينني ,
وفي أي الطرق
ستتركينني وحيداً ,
ومتى ستتذكرينني مرة أخرى ؟
آه ياسيدتي الفاتنة ,
آه ايها النهار ,
أيتها السماء المشرقة .