أرخبيلات امرأة مجرّبة

1

أنتِ أنتِ حين تتزفر الأرض في فوهك

وتترملين بعد كل فوز

وكل انفجار جديد يمكن تسويره في البلاد

التي لا نطيقها ونريد أن نستولي عليها

كلما مرَّ نهرٌ بين ساقي امرأة مجربة

2

الأرض المقيمة في الأذكار
لا تكنس الأنفاس حين يعلق الرواة
على أخبار النوادي التي كنا نشجعها
الظاهر منها يحمي الأوردة والبلاد
بأقل من دهر يخضع للشفرات التي نخفيها في عيوبنا
نحن الرواة حين نريد أن نكون كذلك
وحين لا نريد …

يمكننا تأمين الغروب في أكمام النرجس
والعمارات التي تتهدم تحت غمازاتك
ليست سلاحاً ليزرياً جديداً
كل ما نخفيه في صنادلنا البلاستيكية
ليس إلا عناكب صينية مقلدة
والشرفات التي سالت على أمواتنا
والغيوم التي مالت على أمواتنا

لم تكن من طنين الأرض التي تعديننا بها
في كل رحلة طويلة تبدأ من موت الأب
ولا تتحقق إلا بعد ياردات مسلحة
بتعليق الأبناء الذين يشبهوننا في استنطاق الوحل
على أعواد المشانق

3

أنت أنت حين تتزفر الأرض في فوهك
وتترملين بعد كل فوز

4

كنا نقيس حرارة كل ما يُصهر

في الأفئدة مع طلوع كل ضوء
لكن الحبال التي مرَّت من وراء ظهورنا
ولم تلتف على النباتات التي لم يطلع عليها البشر
كانت أطول من رحلاتنا بعشرات المرات
حتى أننا نشعر بالسخف بعد كل مذبحة
ونطيل لحانا حزناً على العناكب النبيلة
التي نهرسها في القبور حين نشعر بتنميل في أعضائنا
ونتقلب على الجانبين

5

ليست الأرض في المكائن التي تخفينها
وليست في أي مكان
حين تكون الصنادل البلاستيكية
قد تورمت من حرارة النفخ فيها
أنت من تنفخين
حتى تزرّق أردافك الطويلة

وأنت من تشعلين البياض
على رأس تلة حتى تتكرر هزائمنا
بعد انتشار الأمراض القديمة والقيح
على سطوح العمارات
التي لم يقطنها لاجئ من قبل

6

أقول للسفاحين بشيء من الرضا والتسامح
إن البلاد التي نسقيها بالدم
ليست هوية للبرابرة الذين يختبئون
تحت معاطفنا الجلدية
وفي النمليات التي هُجّرنا في بلادنا
من أجل النمائم
المحفوظة فيها
وكل دعسة في الشارع
تخفي مضغة لبان من صبية يمكن قتلها
بدواعي كثيرة:

جرائم الشرف
وتقبيل الأيدي
ولسعات السياط
وذوبان الشوارع في المقل
وكل انفجار جديد يمكن تسويره في البلاد
التي لا نطيقها ونريد أن نستولي عليها
كلما مرَّ نهرٌ بين ساقي امرأة مجربة

7

نحن اللاجئين
نعفر وجوه موتانا ونلقي بهم في رحلاتنا
وعندما تتكدس الحبال في الأقبية
المعدة للتعذيب

نشكو من ألم المغيب وراء كل برتقالة
تتدحرج عند الشواطئ الجافة
البلاد التي قالت كلمتها
لم تكن على قوائم الانتظار
حين هربنا من الحروب والأوبئة
ولم تستعر أسوأ مافينا
حين وقف الجلادون
على النواصي التي تقي العمارات من التصدع والانهيار
مع كل عملية اعدام لمن يقفون في الطوابير المتخيلة

8

أشجار اللبَّان المفقودة
من حولياتك
تساوي كل مضغة بين أسنانك البيضاء
التي نتسابق لنخزنها في جواربنا
حتى تفوح رائحتها وتنكمش وتتساوى بمنزلة التراب
حين يموت الجميع
كل من كان في المسرحية
يموت ولا يجد من يرفع تابوته من المآقي
ويقيه شر المقبرة التي تنتظر اللاجئين المنسيين

اختبار للقائمين على سرقة الحبال
بعد كل رحلة مسجلة في مفوضية اللاجئين
تفوق سرعة الصوت في اجتياز الحدود
من دائرة الصفر
وحتى قامة أطول جلاد

تغطيه الأرخبيلات اليونانية بالمودة

9
أبتعد عن ذاكرة الأرض بالأرقام

ويبتعد كل من معي
لايمكن حذف شيء من الدم
الذي يغذي الرحلات الطويلة الأجل
كل ماقلتِه من قبل عن عناكب تخيم على الأشجار
وفي حلوقنا المتورمة ليس له أرقام
ولا يمكن اعتماده في المنازلات
التي نجربها بعد كل مذبحة

10

نرضى بما ترضين به من موت
لكن الشفاه القبيحة التي تنادي على شفاهنا
لاتستعجل القبلات
ولاتقسم الأرض نصفين بيننا

11

يقول اللاجئون في حوليات المفوضية
أن الدم يتغير لونه مع حلول كل فصل
وأن السماء تظل على حالها
بلا غيوم
بلا سقف
بلا صحون معمرة أو مقلوبة

12
وراء كل تلة عمارة مصحوبة ببرق لايختفي
تسقط الحيطان ولا تعيد للقاتل نشوته
أما البلاد التي نصطحبها في الملفات الكاذبة
فتظل تنمو مع كل مضغة لبان في فم صبية

13

يوماً ما سنسير فوق النجوم
على رؤوس أصابعنا المدماة

  لنروي حكاية العنكبوت للراحلين على مهل
العنكبوت المستحدث بدقة
والذي كان نبيلاً في الكهف
وسقط في جوف الوحش
فانتهز الجلاد –مثلنا-الفرصة ليقطع رأس الراوي

14
وظلَّت الأرض من بعد موته تدور وتدور
وفي فم كل صبية ناجية من مذبحة مضغة لبَّان

*سينمائي وروائي فلسطيني مقيم في السويد