تمثال الزوجين ألبرتو جياكوميتي

عام 1957 وصف ( جان جينيه ) محترف “ألبرتو جياكوميتي قائلا:.

كان “مستنقعاً حليبياً ومستودعاً فائراً وخندقاً حقيقياً”.
كان هناك جصّ فوق الأرضية وفي كل أنحاء الواجهة شعر النحات وملابسه. كانت هناك قصاصات من الورق ولطخات من الصبغ على كل سطح متاح. ومع ذلك “انظر إلى القدرات المذهلة السحرية للفوضى” – وكأن الفن عن طريق السحر نشأ من النفاية؛ الجص على الأرضية قفز للأعلى واتخذ الاستمرارية كشكل ثابت”.

. الزوجين (1927) ألبرتو جياكوميتي
…………….
يهدف جياكوميتي إلى اتاحة فهم أعمق لفنه ، والذي يكثف فيه تركيزه على أزمات الوجود و حالة الإنسان المعاصر في معاناته الذاتية والمرتكزة في تلك الهشاشة الظاهرة في معظم اعماله التي تمنح الإثارة والإلهام في مسارات مختلفة للأجيال القادمة.. تحتوي هذه المسارات على رؤى متوهجة لم يسلكها أي فنان غيره . ففي منحوتته الزوجين والتي نفذها بشكل متكرر وبابتكارات عديدة عام ١٩٢٧ حتى عام ١٩٣٠ ، والتي تبين تأثير الفن والنحت غير الغربي على أسلوب جياكوميتي السابق لأوانه في تلك الحقبة .
تبين هذه المنحوتة تأثره وبشكل كبير بالمنحوتات والطواطم الأفريقية والتعويذات الأوقيانوسية ، سواء بشكل شخصي أو في العموم مع قصدية الابتعاد عن التمثيل الأكثر الطبيعي او الأكاديمي للشكل. حيث نرى في هذا التمثال رجل وامرأة يقفان جنبًا إلى جنب ، لكنهما منفصلتان بعض الشيء ، وهما على هذه القاعدة المستطيلة ، مثل اثنين من الأصنام الطوطمية.هذا العمل المبكر هو شهادة على تجارب جياكوميتي في تبسيط وتجريد الشكل البشري. ومع ذلك فهو ليس بتلك السذاجة التي تجعله يهمل الهدف من تقابل الزوجين بهذا الشكل بعيدا عن التمثيل الجنسي الصريح لهذين التكوينين – اللذين يقفان معًا ولكنهما لا يتلامسان – كي يثير فضول المتلقي في التفكير ويجعله بموضع المتلصص لاكتشاف تلك الرغبة المحبطة. تظهر هذه المواضيع بشكل بارز في اعمال جياكوميتي في تلك الفترة حتى ان هذه الاعمال قد جذبت انتباه الفنان السريالي أندريه ماسون ، الذي التقى بجياكوميتي مع ماكس إرنست ، وميرو ، والكاتب الفرنسي جورج باتايل وآخرين ممن شجعوه على التوجه نحو موضوعات فرويدية تهتم بالجنسانية والعنف والخيال. بينما كان يقوم بدمج هذه التوجهات الجديدة ، كان يعمل بشكل مكثف نحو خلق تراكيب هيكلية مفتوحة لتلك النماذج النحيلة والتي تنقل لنا صورها شبه المجردة ذات التلميحات الوهمية حتى اصبح يميل الى تنفيذ المزيد من المنحوتات الثلاثية الأبعاد ذات الوسائط المختلطة وخاصة الكرة المعلقة من (الحديد والجص ، 1930 ؛ زيوريخ ، Ksthaus) ،
دفعت اعماله ذات الانعكاسات الجنسية الى الانضمام في مجموعة أندريه بريتون و تسجيل جياكوميتي رسميا كفنان سريالي و عضو نشط عام 1930 حتى عام 1935 ، برز خلالها جياكوميتي كأفضل نحات سريالي ثم قام بالعمل على توسيع معالم النحت بشكل مغاير من الناحية النظرية والمصورة. بالإضافة إلى النمذجة في التكوينات البصرية للعمل الواحد فاستعان بمادة الجبس لصنع تماثيل مبنية بمواد متنوعة لكنها هشة داخليا وخارجيا ، كانت العديد من التماثيل 1931-1933 تتجاوز التعاريف التقليدية للنحت كونها اشكال تثير الحيرة والدهشة معا كونها تناجي مفهوم الوجود وازماته الذاتية كفنان مثال امراة ورجل ، امرأة ،و طفل (بازل ، أوف. كاستسمل.) والتي تشبه ألعاب الطاولة المثبتة على قاعدة بأشكال منقولة الى مناظر طبيعية مجرد حيث يقدم لنا صورة مبهمة للشوق الميتافيزيقي غير المحقق ، حيث أن الشكل يدرك العدم.و في جميع المنحوتات السريالية الخاصة به تقريبًا ، تلعب المساحة الفارغة دورًا نشطًا ، من الناحية التركيبية والنفسية