كراس تخطيطات ادوارد هوبر

رؤيا سعد

“أن تعشق العزلة، هذا يعني أنّ العالم ليس مكاناً جيّدا بما فيه الكفاية بالنسبة لك”
– الرسام إدوارد هوبر. بيوت العزلة

قبل بضع سنوات ، أقيم معرض مثير للرسام ادوارد هوبر وقد حالفني الحظ ان اكون ممن حضروه ، كان الهدف هو عرض أهم اللوحات نسبيًا ، بالإضافة إلى التخطيطات المدعمة لها و التي سبقتها كطقس او روتين اعتاد الفنان ان يقوم به قبل الشروع برسم اي لوحة ، وقد تم العثور عليها في العديد من دفاتر تخطيطاته و ملاحظاته ، ومن خلال تخطيطات الرسم. وبهذه الطريقة كان من الممكن رؤية تدرج العملية الإبداعية نضوجا بدا من الجزء ، ثم الفكرة ، الانطباع ، وثم العمل كاملا بهيئته النهائية
كان مجمل ما نفذه من رسومات يحتوي على بيوت وكأنها مسكونه بارواح غير اَهلها، لقد رسم وحشة تلك البيوت الفأرية ان جاز التعبير نسبة الى طبيعة الفار حينما يعيش ببيوت منعزلة ساكنة بعيدة عن المارة والعابرين .قام ( إدوارد هوبر) بتصوير اميركا المعاصرة الجديدة ببيوتها المتباعدة عن بعضها و في مساحة صغيرة وكبيرة ، ليولد انطباعًا غريبًا لدى المتلقي الراصد الذي يتساءل ما سبب هوسه بالحجم ، ما هو الغرض من هذه المساحات في مثل هذه المنطقة الخالية والنائية؟ من ناحية أخرى ، كانت منازل هوبر تنقلنا عبر مقاطعات أمريكية برفقته زوجته و ذلك بعد فترة وجيزة من زواجه من جوزفين (جو) عام 1924، احتفظ هوبر بهذه الملاحظات يدونها مع شرح مبسط وبخط يده، مستخدما القلم الرصاص حتى ان جوزفين كانت تضفي من بعده بعض معلومات إضافية حول موضوع اللوحة او الاسم المقترح لكل لوحة، وقد كانت تلك الاعمال والتي مثلتها اغلب لوحاته تلك البيوت التي تشبه شخوصه الى حد ما فهي وحيدة ومتخيلة ، تبدو بعيدة ، منعزلة ، ومُغربة. لاشيء يبث الفرح فيها غير إسقاطاته لضوء النهار ، او منحنا إحساس الصباح الصافي الذي يضيء به بعض لوحاته ، تمامًا مثل ضوء الليل الضبابي واللامع المتلألئ الذي يضيء الوجوه التي صورها ، يعطي انطباعًا جميلا إيجابيًا لدى البعض ، البساطة ، البداية. عند النظر إلى منازل إدوارد هوبر ستجد التساؤلات تطفو ، و من الواضح مدى تأثيرها على أفلام ألفريد هيتشكوك. نتذكر فقط شكل المنازل في فيلم الطيور او الروح
والتأثير واضح ولا لبس فيه. وبهذه الطريقة التي يُبين فيها ان العزلة اجبارية وليست اختيارية ، فإن أمريكا مبنية على امجاد سابقة ولكنها أيضًا تشحذ صورة وجهها المتعدد الأوجه.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *