قصيدة: ما أخفاه الهدهد
للشاعر المصري: وليد ثابت
ما أخفاه الهدهد
(من مذكرات رحلة أبو الولد)
ــــــــــــــــــــــ
قال الجد ذو العصفورين:
أنا لم أرَ أشباحاً تمر من هنا
سمعت من الغبار أنهم استقلوا الباص شمالاً
وحيدهم الذي تخلف
أمسكت به
علمته لسنوات كيف يزرع السماء
وهو الآن يحرث حقل الفناء الخلفي
تخيل ..؟
لقد أدمن طعم العنب وفصوص اللارنج مثلي
عذراً ..
لن أفيدكم كثيراً ..!
*******
الشجرة التي هامت ولم تنجب زهراً منذ صيفين
قالت:
لمحت ملكين بلون القطن مرا من هنا
دعاني الأنصع إلى حفل الرقص المقام في آخر قريتنا
ولما لم أملك فستاناً يناسب الليلة
ألقمته زهرة
كنت أخبئها ليوم كهذا
فاستدار
ووعدني أنا يقاتل من أجلي
واستقل قطاراً إلى الحرب
وها أنا أنتظر ..
أما الحنطي
فأنا أعلم أنه لن ينثر فخاخاً تزهر قنابل التوت الأحمر
ولا يجيد نفخ كعكات الجدات ولا سرد حواديتهن
بل لن يطيق حصادي
ولكنه طبع قبلة شهية على جذعي الأعوج
واختفى ..!
*******
السجادة الفارسية بإخلاص عجيب
والتي ترعى أرض الكوخ الجبلي
لم تعد تذكر صراحةً
كم رصاصة عبرت من فوقها
منذ أن كانت محض خيط يمتد حتى البحر ..!
هي فقط تذكر أن بعضاً منها
داعبته أنامل الشبح الأشقر
حين كان يغازل فتاته فوقها ..!
*******
وسط الجدار المهيأ تماماً لجثة
قالت رأس الوعل الجاثمة
أنها رأت الأحداث من البداية
وكيف كانت عيون الأشباح الرمادية تحملق فيها بقوة
وكيف أنها كرأس وعل حقيقي
تتلذذ بإيقاظ صغارهم النائمين قبالتها
يتمتمون بتعاويذ بشرية خوفاً منها ..!
الرأس قررت فجأة أن تطلق تعويذة مدهشة
تعود بها للحياة بخبث جميل
مع كل شبح وليد يعبر جدارها ..!
*******
الجدة التركية بشدة
الجدة التي لا تموت أبداً
تعلن انزعاجها
في الليلة التي تزورها عشيقة كبيرهم
لتحيك لها في العيد قميصاً أكثر شراسة
لا يشبه القمصان الطيبين
لم تكن تدرك أن جناحاً خفياً نبت لها
تمزق به صمت الليلة البهية
لو لم يقل لها حبيبها ..
أنا أحبك ..
يا عفريتة .. !!
*******
▪︎ من ديوان (آخر ما شاف الهدهد)
▪︎ اللوحة للفنانة: عنفوان فؤاد