عن الترجمة| الزجاج الذي أثمر في الحنجرة

المترجم العراقي: مهدي النفري

عن الزجاج الذي أثمر في الحنجرة

هل هناك قارئ للترجمة؟

من خلال تجربتي المتواضعة وعلاقتي الطيبة مع أكثر المترجمين خبرة وجدت
أنهم يعانون نفس المشكلة، فترجمة مادة أو كتاب رصين لا وجود له في المكتبات العربية هو مجرد مضيعة وتعب للمترجم، رغم معرفتي التامة بأن معظم المترجمين يعتبرون تلك الأعمال والإقدام عليها هو نوع من الحب، والمحبة اتجاه تلك النصوص ومن ذاك المنطلق تكون رغبتهم لمشاركة الآخرين فيه،
لا أتكلم هنا عن أولئك المترجمين الذين يبحثون عن ملأ الجيب من تفاهات الكتب التي يترجمونها، حسب طلب ورغبات مؤسسات ممولة من حكومات بلاد ما.

أين الخلل؟

نعرف جيدًا أن الجزء الأكبر تتحمله المؤسسات التي تتحكم في الثقافة والإعلام في البلاد العربية جميعًا ولكن علينا أن لا ننسى دور النشر التي جعلت دورها في إغناء ذاك الفساد بطبعها لكتب لا قيمة لها علميًا ولا معلوماتيًا فما بالك بلغة هي تكسير وتدمير كل ما يمت إلى الخرافة وتأليه السلطة والحكام.
دور النشر العربية هي آفة وتتحمل وزرًا كاملاً في ما وصل إليه القارئ العربي من انحطاط بحكم الأسباب التي ذكرناها فحين تأكل تلك الدور كل أتعاب المترجم وحقوقه أو تقوم بحجز الكتاب في رفوفها لسنوات لسبب بسيط هو أن صاحب الدار لم يعد على علاقة حسنة بالمترجم لمجرد أنه مثلاً طالب بحقوقه.

كيف ساهمت المؤسسات الثقافية في تلك الجريمة؟

نقرأ كل يوم وفي كل معرض يقام أن الكتاب الفلاني أو الكاتب مُنعوا من دخول المعرض أو بيع كتابه لا لشيء إلا لسبب بسيط، هو أن الكتاب يهتك ستر تلك السلطة وإرهابها اتجاه شعبها عامة والثقافة خاصة.

هل كان لأشباه المترجمين دور في انحطاط الترجمة؟

نعم ويمكننا تأكيد ذلك الجواب للمرة الألف، فالجميع يعرف أن الترجمة هي علم قائم بحد ذاته، له مكوناته وأساسيات يجب ألا يخرج من يريد أن يدخل في سوقها الخروج منها، الترجمة ليست الكلمة وما يقابلها من معنى في اللغة الأخرى،
إنها فن، اللغة كما هي الفنون الأخرى العظيمة التي أوصلت وساهمت في تطور ورُقِي الشعوب.

كيف نُعيد الأمل والحياة والروح إلى الترجمة؟

مثلما نَوَّهْنَا في كلامنا بأن الترجمة هي علم وفن لذا علينا أن نهتم جيدًا ونعطي ذاك الفن والعلم حقه من تطوير وفتح دورات ونشاطات واسعة في فهم ودراسة الترجمة وإعطاء الضوء الأخضر والحريّة الكاملة لمن لهم باع في الترجمة في اختيار الكتب التي تمنح القارئ فرصة لتطويره من كل الجوانب.
أعرف أن هذا الطلب هو بمثابة طلب تعجيزي، أن يكون دعمًا مقدمًا من مؤسسات الدولة للمترجمين دون التدخل في أعمالهم ودون جعل راية الرقابة وسلاح المنع هو الراية التي ترفرف في كل خطوة.

(*)اللوحة لذات الكاتب/ مهدي النفري

الوسوم
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *