السبب الحقيقي وراء رفض الفيلسوف الألماني الكبير “يِيرغن هابَرماس” لجائزة “الشيخ زايد” للشخصية الثقافية لهذا العام2021
تقديم وترجمة المبدع المغربي: نور الدين الغطاس
(*1929) | لماذا رفض الفيلسوف الألماني الكبير “يِيرغن هابَرماس” جائزة “الشيخ زايد” للشخصية الثقافية لهذا العام 2021!؟
في الوقت الذي تحصدُ فيه ألمانيا المليارات من اليُورُو في علاقاتها الاقتصادية مع الشرق الأوسط، رفض الفيلسوف الألماني “يِيرغن هابَرماس”، الأحد الماضي، جائزة ثقافية إماراتية قيمتها 225.000,00 يورو، لماذا ياترى!؟
في نوفمبر 2019 نشر الفيلسوف الألماني “يِيرغَن هابَرماس”، عن عمر يناهز التسعين سنة، آخر أعماله الجديدة (مجلدين، 1752 صفحة) تحت عنوان “أيضاً، تاريخ للفلسفة”، يرسمُ الفيلسوف في هذين المجلدين تاريخاً للفلسفة من وجهة نظره، تاريخ صراع بين الاعتقاد (الدين) والمعرفة (العلم).
عندما سُأِل، في أحد استجواباته 2020، لماذا استعمل كلمة “أيضاً” في العنوان؟ قال “أريد أن ألفت انتباه القارئ أن هذه فقط واحدة، ولو كانت جديدة، من بين الكثير من التأويلات لِتاريخ الفلسفة”.
إعادة النظر في قراره، وبالتالي رفضه لجائزة “الشيخ زايد” للشخصية الثقافية لهذا العام 2021، ينساب في سياق تفكيره، الشّك أولاً. كتبَ معلقاً على الحدث “بالطبع كنتُ متشككاً، وحاولتُ معرفة الجائزة والحائزين عليها سابقاً”. بعد قراءته لمقالة على النت للمجلة الألمانية الإلكترونية “دير شبِيغَل“، التي انتهت بالمقولة “عادةً، عندما يلتقي العقل والقوة، تنتصر القوة”، وكذلك تأكدهُ، حسب ما كتبَ، أن هناك علاقة بين الجائزة والسلطات الرسمية، جاء رفضه فوراً وواضحاً على التو.
▪ في نظري المتواضع هناك سببين:
1- حِرص هابَرماس الشديد على نظافة مشروعه الفلسفي في النقد والعقل، والقيّم الإنسانية التي كرّس حياته بالكامل لها كفيلسوف.
2- احترامه للصحافة، ومعرفته المسبّقة بقوة الصحافة الألمانية التي بدأت تنبش في الموضوع، لدى خوفه من زوبعة صحفية كانت آتية لا محالة.
إذن القرار هو قرار شخصي، قرار ضمير، يؤكد حرية الفكر واحترام الصحافة من طرف المثقف. رفضْ الجوائز من طرف الكتاب الألمان له تاريخ، على سبيل المثال لا الحصر، رفض الكاتب الألماني العملاق “غِنتر غراس” (1927-2015) الجائزة العالمية Brückepreis عام 2006، وكذلك رفض الناقد الأدبي الألماني الكبير “مرسيل رايش غانِكي” (1920-2013) جائزة التلفزة الألمانية عام 2008. إذن، الذي يمنح الجوائز للضمير، لا يجب عليه أن يتفاجأ إذا تم الرفض باسم الضمير كذلك.
▪▪▪
شذرات | الفيلسوف الألماني: يِيرغن هابَرماس | ألمانيا
ترجمة من الألمانية إلى العربية: للمبدع المغربي نورالدين الغطاس | ألمانيا
《ال “نعم” تحتاج إلى ال “لا”، حتى تكون قادرة على الاستمرار ضد “لا”》.
„Das Ja braucht das Nein, um gegen das Nein bestehen zu können.“
▪▪▪
《من خلال المظاهرات نلفتُ الانتباه إلى حججنا التي نعتبرها الأفضل.》
„Durch Demonstrationen erzwingen wir Aufmerksamkeit für unsere Argumente, die wir für die besseren halten.“
▪▪▪
《الوطنية الوحيدة التي لا تبعدُ الغرب عنّا هي الوطنية الدستورية.》
„Der einzige Patriotismus, der uns dem Westen nicht entfremdet, ist ein Verfassungspatriotismus.“
▪▪▪
《حيث تجفُّ الواحات الوهمية، تنتشر صحراء التفاهة والحيرة.》
„Wo die utopischen Oasen austrocknen, breitet sich eine Wüste von Banalität und Ratlosigkeit aus.“
▪▪▪
《لا أريد إخفاء الدافع الذي قادني إلى الاهتمام بتاريخ الفلسفة رغم الشيخوخة، ألا هو المتعة.》
„Ein Motiv, das mich zu der müßigen Altersbeschäftigung mit der Geschichte der Philosophie geführt hat, möchte ich nicht verschweigen. Es hat mir einfach Spaß gemacht.“
▪▪▪
《المحافظون الجدد لا يبحثون عن أسباب الأزمة في أداء الاقتصاد وجهاز الدولة، بل في مشاكل الشرعية المشروطة ثقافياً، بشكل عام في العلاقة المضطربة بين الديموقراطية والثقافة.》
„Die Neokonservativen suchen die Krisenursachen nicht in der Funktionsweise der Ökonomie und des Staatsapparates, sondern in kulturell bedingten Legitimationsproblemen, überhaupt in dem gestörten Verhältnis von Demokratie und Kultur.“
▪▪▪
《بين الرأسمالية والديمقراطية توجد علاقة توثر، غير قابلة للحل، مبدأين متعارضين للتكامل الاجتماعي، يتنافسان على الأولوية.》
„Zwischen Kapitalismus und Demokratie besteht ein unauflösliches Spannungsverhältnis; mit beiden konkurrieren nämlich zwei entgegengesetzte Prinzipien der gesellschaftlichen Integration um den Vorrang.“
••• ••• ••• ••• •••
▪ “يَيرغن هابَرماس”
Jürgen Habermas (1929)
يِيرغن هابَرماس، أكبر فيلسوف ألماني معاصر، ولد في ثامن عشر من يونيو عام ١٩٢٩م. درس الفلسفة، التاريخ، علم النفس، الأدب الألماني والاقتصاد بجامعات ألمانية وسويسرية. شغل مناصب علمية كبيرة بجامعات ألمانية وأمريكية. ينتمي إلى المدرسة الفرنكفورتية للفلسفة. نشر العديد من الكتب والدراسات، كما حصل على جوائز عديدة داخل وخارج ألمانيا. رغم مشاركاته عبر آرائه في مواضيع داخل وخارج ألمانيا، آخرها موقفه النقدي اتجاه الحجر والمضايقات الفردية بسبب جائحة “كورونا”، يبقى اسم هابرماس الفيلسوف الأكثر تداولا داخل الأوساط الأكاديمية والجامعات.