العراقيون الفرس: الشعب المفقود

حسن اسماعيل

من الضروري التفريق بين الفرس والايرانيين، فليس كل الفرس ايرانيين، كما ان الايرانيون ليسوا كلهم من الفرس، كما هو الحال مع العرب والعراق، فليس كل العراقيين عربا، وليس كل العرب عراقيين، فالتداخل القومي هو سمة المجتمعات الكبيرة، والدول التي لها تاريخ حضاري طويل، تتداخل فيها القبائل والاثنيات، مثل العراق وايران.
وهنالك اقلية فارسية عراقية لا علاقة لها بايران، الا ان الفكر المشحون بالتعصب القومي، منذ اواخر الستينيات في القرن الماضي يحاول التعمية على حقائق تمس حقوق الانسان، والحق الطبيعي للفرد بالعيش على ارضه وخدمة وطنه بغض النظر عن انحداره القومي او الديني او القبلي.
والفرس العراقيون، الذين يتواجدون على شكل تجمعات صغيرة في بعض المحافظات كالنجف وكربلاء وبغداد (الكاظمية) وخانقين . كان عددهم تقارب ال2 مليون نسمة قبل عام 1980 ولكن بسياسية حكومة البعث ضدهم منها التسفير والاعدام وواجبارهم العمل في الصفوف الامامية لساحات القتال وانحسرت اليوم عددهم الى 450,000 الف نسمة
يعود تاريخ الفرس في العراق الى ازمان موغلة بالقدم، وقد عرف بينهم الكثير من الشخصيات السياسية والادبية التي ساهمت في اغناء ثقافة المجتمع العراقي عامة، وتراثه على مدى القرون.

فلا يمكن تجاوز الشاعر ابي نواس عند الحديث عن الشعر، ولا ابن سينا في اسهامه في مجال الطب، ولا الرازي، كما لا يمكن العبور على دور الفلاسفة الذين تركوا اسهاماتهم البارزة في مجال الفقه كالامام ابو حنيفة النعمان او عبد القادر الكيلاني او الامام احمد ابن مالك او احمد ابن حنبل، هذا بالاضافة الى الكثير من الشخصيات التي عرفت في التاريخ بعروبتها بسبب اعادة كتابة التاريخ التي تراعي الامزجة المتشنجة، وظلت انحداراتهم موضع شك، من الشاعر الكبير المتنيى الى شاعر محمد الأمين.
واليوم فقد تعرض المكون الفارسي في العراق الى ما يشبه الابادة في عمليات ترحيل قسري، وفرض الهوية العربية بالترهيب، والطعن بالهوية العراقية التي يحملونها دوما وبفخرون بها.
فقد خدم ابناء هذه الاقلية في الجيش العراقي وذادوا بارواحهم من اجل حماية حدود العراق مع ابناء وطنهم في الحرب العراقية ضد ايران في ثمانينيات القرن الماضي، وخدموا بلادهم مجالات الثقافة والعلوم والاعمال الحرة، لكن النظرة الدونية التي رسختها سيطرة الاعلام خصوصا ابان الحرب العراقية الايرانية، وربط مصيرهم بدولة ايران، من اجل تعبئة اعلامية مغرضة، كانت تمثل تعديا سافرا ضد حقوق اناس عراقيين وطنا وانتماءا وحضارة.
وهنا ارى من الضروري التفريق بين الكورد الفيلين الذين هجرهم النظام السابق الى ايران في الربع الاخير من القرن العشرين، وبين الفرس العراقيين. لانها قوميتين مختلفتين وقد ذكر الفرس العراقيون للاول مرة في احصاء عام 1947 و1957 وتم حذف هذا المكون في احصاء عام 1977 وبدءت سياسة طمس هويتهم.

الصورة الرئيسية: جثة امرأة عراقية فارسية على الحدود الإيرانية العراقية تم تهجيرها في العام ١٩٨٠.
صورة من ارشيف موقع لازورد
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *