“أقدم مهنةٍ في التّاريخ..”
للشاعر التونسيّ: يوسف خديم الله
مهنتي، شاقّةٌ جدّا.
فـأنا، وإن كان بي كسلٌ فاضحٌ،
أعملُ بهمةِ بغلٍ..
أعملُ على الدوام، سليمًا أو مريضا،
حاضرا أو غائبًا،
بل نائما أيضا..
هي، من جهةٍ، وإن كانت ذات وجاهةٍ،
إلى “أقدمِ مهنةٍ في التّاريخ” أقربُ.
وهي، من جهةٍ أخرى،
تأخذ من الإسكافيّ دقائقَ الحرفةِ،
وبئسَ المصير..
صحيحٌ أن أغلبَ رفاقي كانوا على ذكاءٍ اصطناعيٍّ،
فباعوا الكلامَ، سهلاً ومهلاً،
و لم تضحك عليهم أحذيتُهم..
صحيحٌ أنه كان بإمكاني أن أكون أقلّ حمقًا،
كأن أمشي، داخل رأسي، حافيا
أن أعرىَ، في شتاءٍ كما في صيفٍ،
في بيتي،
أن أجهلَ، على قدرِ علمي،
أو أتجاهلَ،
فأشقى، في جحيمي الأخضر، بأقلّ التكاليفِ ..
غير انه يبدو أنني إسكافيٌّ بالفطرةِ،
ومتهوّرٌ، لا يخشى شيئا
لا يخشى الأرقَ و تلَفَ الظّهرِ،
لا القلق ،َ ورقّةَ الحالِ،
لا تليّفَ الحيلةِ،
ولا رُهابَ الأيّامِ الباقيةِ..
فمهنتي تلك هيَ
أن أكتبَ الحقيقَةَ، كاملةً،
في شكلِ كذبةٍ/
كذبةٍ جميلةٍ، لا تضحكُ عليَّ،
أنا أوّل من… يكذّبها.
شاعرٌ سابقٌ، 2020