فيروس كورونا المستجد: آراء المغاربة حول التدابير الحكومية
تقديم
يوم 20 مارس 2020 أعلنت الحكومة المغربية حالة الطوارئ الصحية في البلاد، وقامت بسلسلة من الإجراءات الوقائية الصارمة الهادفة إلى الوقاية من انتشار فيروس كورونا المستجد، ومن ضمنها تقييد الحركة ونشر القوات الأمنية لضمان الالتزام بهذه الإجراءات، وسبق أن قامت يوم 17 من الشهر نفسه بإغلاق المدارس والمقاهي والمطاعم والمساجد، وإلغاء التجمعات الكبيرة، ويوم 22 مارس تم تسجيل حوالي 104 حالة مؤكدة مصابة بالفيروس، ويبدو أن الحصيلة مرشحة للارتفاع في الأيام المقبلة.
وقد تميز تواصل الحكومة بأسلوب مختلف عن السابق، حيث عملت السلطات الرسمية على التواصل بشكل مستمر ومكثف من خلال مختلف قنوات التواصل الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي، وقامت وزارة الصحة بنشر بيانات وتوضيحات قصد وضع المواطنات والمواطنين في صورة الوضع الوبائي في البلد، كما اشتغلت وسائل الاعلام العمومي والخاصة على مدار الساعة من خلال برامج خاصة للتحسيس بمخاطر هذا الفيروس.
وضمن هذا السياق، أنجز المعهد المغربي لتحليل السياسات دراسة ميدانية كمية حول موضوع فيروس كورونا المسجد بهدف توفير معطيات إحصائية حول تمثلات المواطنات والمواطنين المغاربة إزاء هذا الوباء، ومعرفة درجة وعيهم بالموضوع ومدى رضاهم بالإجراءات الحكومية التي تصدت لهذا الوباء. ورغم أن الظاهرة لا زالت في بدايتها، إلا أن هذه الدراسة تحاول أن تقدم صورة أولية عن تمثلات المواطنات والمواطنين ومدى تأييدهم للسياسات المتبعة في هذا الموضوع، وأيضا إلى معرفة درجة التزام المواطنين بالاحتياطات للوقاية من هذا الفيروس. ومن شأن هذا الأمر أن يساعد صناع القرار والفاعلين على صياغة سياسات أكثر مقبولية لمحاصرة هذا الفيروس على المدى القصير، وأن يساعد أيضا على استرجاع الثقة في الحكومة وأجهزة الدولة على المدى المتوسط والبعيد.
المنهجية
اعتمدت الدراسة على تقنية البحث الكمي من خلال استعمال تقنية الاستمارة المملوءة بشكل ذاتي عبر الإنترنيت من خلال استعمال برنامج Qualtrics، وهو برنامج مخصص للاستمارات عبر الإنترنيت. تم ملئ الاستمارات من طرف المبحوثين خلال الفترة الممتدة ما بين 14 و19 مارس 2020، وقد تم إرسالها إلى المسجلين ضمن قاعدة بيانات المعهد (والتي تشمل حوالي 1500 شخص من الباحثين والخبراء وصناع القرار وناشطي المجتمع المدني)، علاوة على نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا شبكتي فيسبوك وتويتر لضمان توزيع جغرافي تمثيلي للعينة المشاركة في الاستطلاع.
شملت الدراسة عينة من 2470 شخص يمثلون السكان المغاربة الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر. تم اعتماد تقنية الحصص (الجنس والعمر والمنطقة الجغرافية) لضمان توازن العينة. وقد سعت الدراسة إلى أن تضمن تمثيلية واسعة للسكان من خلال الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الأساسية التي يوفرها الإحصاء العام للسكان المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط (RGHP 2014).
وقد تم اعتماد عدد من الاحتياطات لضمان مصداقية الأجوبة وتنوع العينة التي شملتها الدراسة، من ضمنها عدم السماح بتعبئة الاستمارة أكثر من مرة باستعمال نفس الجهاز أو نفس البريد الإلكتروني. كما تم التأكد من كون الاستمارات مملوءة من طرف الإنسان لتفادي الإجابات التي تملؤها الآلات Bot. وقد تم التأكد فعلا من هذه المسألة من خلال النظر إلى عنوان بروتوكول الإنترنت (بالإنجليزية: IP address) للمستجوبين. وأخيرا، تم الطلب من المشاركين في الاستمارة (بشكل طوعي) كتابة بريدهم الإلكتروني بشكل اختياري في حالة ما إذا كانوا يريدون التوصل بنتائج الدراسة لاحقا.
بالنسبة لتوزيع العينة حسب الجنس فقد كان حوالي نصف المشاركين من الإناث. بالنسبة للسن فتشكل الفئة العمرية بين18 -25 سنة حوالي ربع المشاركين، والفئة بين 26 و35 سنة حوالي ثلث العينة، والفئة بين 36 و45 سنة حوالي 23 في المائة. أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي، فقد كان حوالي 15 في المائة من العينة من جهة الرباط-سلا-القنيطرة، و20 في المائة من جهة الدار البيضاء-سطات، و10 في المائة من العينة من جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، 8 في المائة جهة سوس ماسة، 12 في المائة بالنسبة لجهة فاس-مكناس، و13 في المائة لجهة مراكش أسفي، و7 في المائة من الجهة الشرقية، فيما توزعت باقي العينة على الجهات الأخرى للمملكة.
يشتغل حوالي 29 في المائة من المبحوثين في القطاع الخاص، بينما قال 28 في المائة من المبحوثين أنهم يشتغلون في القطاع العمومي، و20 في المائة لا زالوا يدرسون، بينما 9 في المائة عاطلون عن العمل. ويشكل أصحاب الدخل الأقل من 3000 درهم حوالي31 في المائة من العينة، و43 في المائة دخلهم بين 3000 و8000 درهم شهريا، في حين يتجاوز دخل 26 في المائة من العينة 8000 درهم شهريا. أما بالنسبة للمستوى التعليمي فقد حصل حوالي 46 في المائة من المستجوبين على مستوى جامعي (الإجازة)، و20 في المائة حاصلين على الماستر و8 في المائة حاصلين على الدكتوراه، في حين حصل 13 في المائة من العينة على مستوى تعليم ثانوي، و9 في المائة في التكوين المهني.