استبقِ نبيذك
منال يوسف
استبقِ نبيذك
لماذا تُغادرني العصافيرُ كلما هممت بالكتابةِ
وتبقى الموسيقى شجيةَ البوحِ
في كل نصٍّ ثَمَّتَ امرأةٌ تمر
تُعذِّب الحرفَ بعطرها الخشبي..
يَسيلُ من مَسَامِّها الخضراءِ غير المرئية
وتَمْضِي حتى آخر الكلامِ
غير عابئة بالحربِ التي أَشْعَلَتْهَا..
في السطورِ والمسافاتِ البينيةِ
وبماذا أُجِيبُك حين تسألني عن الطيرِ
وعن العطورِ المُحَلَّاة التي لا أطيقها
ومسحوقِ التجميلِ الذي بدأتُ في استخدامِه مؤخرًا..
كطفلةٍ اكتشفتْ حِذاءَ أمِّهَا ذا الكعب المرتفع
في الصندوقِ المغلقِ دائمًا.
يا صديقي:
أنا أكتبُ عن النساءِ
أمْحُو ما رانَ على النسويةِ
أُوَطِّنها حيثُ يجب أن تكونَ
بعيدةً عن مواضعِ الخطرِ في أجسادِ الرجال
أنا وَ”هُنّ” على طريقِ الماراثون
ننفض الخيباتِ
نَحْمِلُها مُضْغَةً زائفةً في القلبِ
نقطع المسافاتِ الطِّوالَ
ونعبر حاجزَ السرعةِ
كعَدَّاِء عَلَى أبوابِ “أثينا”
يُعْلِنُهَا بشارةَ النصرِ..
ويموت
أكتُبُ عن عاشقاتِ “الجاردينيا”
المراهناتِ على عنصريةٍ غيرِ مشتهاة..
كخطيئةٍ دائمةِ الاخضرارِ
شجرةُ الليمونِ لم تُثمر هذا العام
ذَهَبَتِ الريحُ بزهورها الطِّفليةِ
وغابت روعةُ الحمضيةِ من الوريقات
فأين يا فارسي تُعَلِّق مصابيحَك
إذا جِئْتَني في نهايةِ المساءِ
محملًا بالنبيذِ والأغنياتِ
يا سيّدي..
الملكاتُ لا يطالبن برؤوسِ الفوارس..
التي نضِجَتْ على صُدُورِهن
يَصْرِفْنَ الخدمَ
يدلِفْن من البابِ السِّرِّي
ويَصْنَعْن “فطيرةَ الجوزِ” من أجل فارسٍ لا يُقِيم أبدًا
وأنا ابنة الحرفِ التي لا تُجيد حكايا شهرزاد
المفخخة بالإيحاء السلبي
كقنديلٍ بحريٍّ ناشب
استبقِ نبيذَك..
وامنحني هداياكَ المخبأة في خوْذَتِكَ العربيةِ
وإذا سَأَلْتني عن المرأةِ التي لا تغادرُ القصيدَ
عن الموسيقى..
والنسوية
فهي..
بعضُ الزعفرانِ
وفطيرةُ الجوزِ
ونساءٌ ملكاتٌ يَمْزُجْن الـ”super food” بحكايا الوطنِ
يَتَحَسَّسْن تفاصيلَ المعركةِ الأخيرةِ في وجهِ فارسٍ..
على حافةِ قُبلة
يُطَيِّبْنَهُ بالزهرات التسع(1)
يُضَفِّرْن شعرَه الذي تَمَطَّى في رحلتهِ الطويلةِ
يُرْخِينَهُ بزيتِ اللوزِ الآتي توًّا..
من مدينةِ “منديس”(2)
وهُنَّ يُرَتِّبْن مَعَهُ خُطةً جديدةً
لمَعْرَكَتِهِ القادمة.
1 عطر الزهرات التسع، يطلق عليه عطر رمسيس الأول، في مصر الفرعونية، ويغلب عليه زهر الليمون.
2 منديس، مدينة في مصر الفرعونية، تصنع فيها الزيوت العطرية، يطلق عليها الآن “تل الربع” في الدقهلية.