لا تجعل قلبك يعتاد على الصدأ | نصوص
صفاء سالم اسكندر
نصوص
صفاء سالم إسكندر
-١-
تموت الوردة
والفراغ
يحيّ نرسيس في القلب
لكنه
لن يعيد الشاعر مثلما كان
لن يتغنى بقصائد حافظ، ويشرب النبيذ.
وصلواتكِ البعيدة أو نشوة الجسد
التي تلاقي الفجر
قبل أن يرى السرير
إنعكاسًا للذي
ظل بعيدًا عن النوم
مخافة أن يعرفك
في كابوس لم يقصد أن يجيئك اليه،
لن تعرفكِ أن روحه الآن خائفة.
-٢-
كم مرة سقط الرجل
والعشب طري
لم يقع الوقت منه
يتساءل بغرابة من أجل صدقه، وكان ثمة من يسأل عن ألم الجسد، تاركًا ألم الروح، ماذا سيبقى من صمته؟ والأحلام التي تأتي مثل قوس قزح، ليست أكثر من براءة تالفة.
كم مرة سقط الرجل
حتى يلتقي ظله القديم
مصدقًا القصيدة
والجرف والمنحنى
والمدينة التي تعيش سعادة مساء مختلف
متناسية خيبتها من أجلِ الضحك.
كم مرة جاء به الحلم
لكن العالم لا ينتهي
يوهمك أن الظلمة تشيخ فقط
لو أنكَ تصبر أكثر
ف الليل وردة بريئة
خدعتها الوحدة.
-٣-
ألا تشبه اللغة
ليس لك أن تصدق الغياب
ولا تترك هذا الخطأ الشائع يمر في خيالك
أعرف أن المسافات لم تطوي لك هذا القليل الآخر
الذي ألمحك فيه
رصيف يأكل وحدتي بالأصدقاء
أمام غروب كبير
لا ينبغي للفرد فيه إلا أن يكون أعمى
لتسحب جسدك
لن تنال الوداع مني
أنا من يصيح أن أسمك نائم في قلبي ك بريد مؤجل
لا أرى حضوري إلا قبلة لصلواتك
و وجهك المنعكس على كتفي، حمى، أو نشيد
يتغير ويذبل كالزهور
فأمام هذا الباب أو خارجه بقليل
حلم لم يتحقق
لا تحزن
ثمة أبواب لم تصنع بعد
لا تجعل قلبك يعتاد على الصدأ
لم نصل بعد إلى يوم الوصية
حتى نعرف السدى مثل التماثيل
ك أسم كبير لهذا كله
شيء غير اليقين
أظنه الهامش الذي تعلقنا به
ونحن نرفض الوداع منذ قرر القدر ذلك.
-٤-
لم أردك أن تعود
رغم إني أبحث عنك كل يوم،
لم أردك إلا أكثر سعادة
فلا شيء عندي سوى الحزن.
-٥-
زائرًا لقبر بسام حجار
___________________
لأن ما ورد في النص عن سيرة الشاعر غير كاف
كان المكان غير مناسبٍ للبكاء
أقصد القبر الوحيد
الذي زرته في منامي
لا يشرح للزائر ابتعاده
قلت: لعل هذا ال مجرد تعب
حديثٌ عابرٌ عن إختفاء الأشياء
(ربما أكون قد أحلم، ف بكيت
حتى ينزل كل شيء من رأسي مرة واحدة
لكن الدموع المرة لا تشرح سرًا
وترجيت في قلبي
أن يؤلف بسام حجار صمتًا آخرًا لحضوره
لأن إحداهن سرقت هذا الصمت من قصائده
إلى مكان بعيد
حتى يكون بريق عينيها مستمرًا
وأظل أنا نكرة)
كنا عاشقين لا ننفي عنك صفة النبوة
لكنها تبدلت
قبل أوان الشيب
وحملت التعب وحدي
وصرت أخاف جدًا
لو منحني أحدهم وعدًا
أشعر بأني قابل للتضحية
وأظل نكرة
وأنتَ ياسيدي
بقيت هناك عند رأسها بكتابك الفاخر، وكسرت سكينتي
قرأت لها شيئًا من “ترجمان الأشواق”
بينما أحسدك على صمتك
جئت أعتب.
قال: أعرف انها ستحيا من بعدك.
-٦-
على كفني قصيدة الماغوط
___________________________
ياخالق الموت
أوقظ موتي مثلما أحلم
لم يتبدل شيء
أريد من أحدهم أن يحملني مثل كيس خضار
إلى المقبرة
وهو يقول عن جسدي
لقد خسر هذا الرجل الوزن الزائد من وجوده
وليكن هنالك ثان
يشير إلى خفتي، ويدعي المعجزة
بينما تتأمل امرأة، الغراب الذي يقضي حاجته على شاهدتي
التي تحمل تواريخ ليس لها أي مناسبة، غير انها أخطاء
جنسية
تعيش فرحًا مجنونًا لأني ألتصقت بالطين
تلعن من بذر ألمي
وصديقي يتذكر وصيتي بشكل جيد، يحمل قلمه العادي، ويخط قصيدة الماغوط،
حزن في ضوء القمر، على كفني
وعندما يصل إلى هذا المقطع
(خذني إليها
قصيدة غرام
أو طعنة خنجر)
لا أريده أن يسأل، هل هنالك أحد يبكي؟
تسير جنازتي، بلا نسور، ولا دموع، قهقهات فقط
لان الغائب كثير
منذ عيونك
وله فصل قيامة.
-٧-
مع الموتى أو فروغ فرخزاد فقط
______________________________
عن الحزن
والمدينة الكبيرة التي لا تعرف الإنتظار
أو فروغ فرخزاد فقط
أضع سترتي الحمراء فوق أكتافها
بعد موعد تأجل كثيرًا
لأن الريح لم توقظ غرائزها
مثلما فعل صوت فيروز
عامل المقهى يسأل، لمَ غاب لمعانكما
لكني ختمت الكلام
تبعتها إلى آخر وعد، فضلت أن يهبط الفجر سريعًا
وقبل أن يكبر حزن هذه الليلة
جعلتني أذوب
وعند موأساتها ليَّ
طاردتني كاليقظة
حتى أخجل من عذابي
كان على العامل أن يعرف
إني عابر يشيرُ إلى إنطفائه
مثل وردة الموعد الأول
التي فشلت في البقاء حتى النهاية
أيّةُ رغبة لها
حتى أنام مثل طفل مريض
تبحث روحه عن الموت
ف لم أخذ قلبي إلى هذه المسافة من قبل
حتى أتكرر كالألم
ربما يسعدها أن تثبت لنفسها
إنها قادرة على عذابي أكثر
دون أن أموت،
الجلاد
يفرح بنصف الميت.
المقعد العالي الذي كان يحمي ضحكتنا من فضول المارّة الذين يحملون نفس الخيبة
يحمي غباره أكثر من وعدكِ ليّ بالبقاء إلى الأبد
تذكري إن كلامي القديم هو كلامي الجديد
أو لأقل أني لم أيتم يومي منكِ.