قصيدتان
محمد الكفراوي
شَغَفٌ
هَاتِ الشَّغَفَ
هَاتِهِ كُلَّهُ
أُدْلُقِيْهِ فِيْ هَذِهِ الكَأَسِ
اِنْتَبِهِيْ جَيِّداً حَتَّى لَا يَتَسَرَّبُ لِلْخَارِجِ
لَا نُرِيْدُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَوَرَّطَ فِي هَذَا الأَمْرِ
أَنْ يَعِيْشَ فَي طَقْسٍ مَشْحُونٍ بِالكَهْرُبَاءِ
فِي أَوْقَاتِنَا الحَمِيْمَةِ فَقَطْ يُمْكِنُنَا الاِسْتِفَادَةَ مِنْهُ
هَاتِ كَأَسَ الشَّغَفِ وَقَرِّبِيهِ لِشَفَتِيْ
أُرِيْدُ فَقَطْ أَنْ أَتَشَمَّمُهُ
أَنْ أَشْعُرَ بِلُذُوْعَةِ طَعْمِهِ
بِنُعُوْمَةِ مَلْمَسِهِ
بِقَوَامِهِ اللدِنِ الجُهَنَّمِيْ
***
هَاتِ الشَّغَفَ وَاُنْثُرِيْهِ هُنَا عَلَى الأَرِيْكَةِ
اِتْرُكِيْنَا نَتَفحَّصُهُ كَبُقْعَةٍ حَمِيْمَةٍ
نَجْلِسُ أَمَامَهُ فِي ذُهُولٍ
كَأَنَّنَا فِي اِنْتِظَارِ وِلَادَةِ كَائِنَاتٍ خُرَافِيَّةٍ .
***
تَعَالَيْ
خُذِيْ قَلْبِيْ
خُذِيْ دَمِيْ وَهَوَاءَ رِئَتِيْ
خُذِيْ قِطْعَةً مِنْ رُوْحِيْ
مَعْجُوْنَةً بِالذِّكْرَيَاتِ وَالحَنِينِ
خُذِيْنِيْ كُلِّي ..
وَهَاتِ الشَّغَفَ .
نُدْبَةٌ
أَنْتَ يَا صَاحِبَ النُّدْبَةِ
اُنْظُرْ .. مَاذَا سَقَطَ مِنْكَ
حِفْنَةٌ جَدِيْدَةُ مِنَ الأَيَّامِ خَرَّتْ مِنْ جِرَابِ حَيَاتِكَ
سَقَطَتْ فِي عَرْضِ الشَّارِعِ وَلَمْ يُلَاحِظْهَا أَحَدٌ.
اُنْظُرْ بِتَأَنٍ وَلَا تَخَفْ
مَشَاعِرُكَ اِنْدَلَقَتْ هُنَاكَ عَلَى الرَّصِيْفِ
مِثْلِ جَزَّارٍ يُفْرِغُ سَطْلاً مِنَ الدِّمَاءِ
هَلْ تَسْتَطِيعُ اِسْتِرْجَاعَهَا أَوْ لَمْلَمَتَهَا فِي هَذَا الحَرِّ القَائِظِ.
سَيْلٌ مِنَ الأَحْلَامِ وَالأُمْنِيَّاتِ يَتَسَرَّبُ مِنْ جَيْبِ بِنْطَالِكَ الأَيْمَنِ
عَرَائِسُ حَلْوَى وَأَحْصِنِةٌ وَضَحِكَاتُ أَطْفَالٍ مُجَلْجِلَةٍ
تَنِزُّ وَتَتَبَخَّرُ مِنْ مَسَامِ جِلْدِكَ المَفْتُوْحِ
رَاقِبْهَا يَا صَاحِبَ النُّدْبَةِ وَلَا تَخْجَلْ
فَرُبَّمَا تَكُونُ هِيَ تَسْلِيَتُكَ الوَحِيْدَةُ
فِي أَيَّامِكَ الحَزِيْنَةِ البَاقِيَةِ.
اُنْظُرْ يَا صَاحِبَ النُّدْبَةِ
إِلِى نِفْسِكَ وِالآَخَرِيْنَ
كُلُّ شَيءٍ يَتَشَكَّلُ مِنْ جَدِيْدٍ
كَأَنَّكَ تُوْلَدُ مَرَّةً أُخْرَى .
نَظِيْفٌ .. فَارِغٌ .. نَاصِعُ البَيَاضِ
عَلَى مَضَضٍ تَتَقَبَّلُ تِلكَ الحَيَاةَ.
لَكِنَّكَ مُضْطَرٌّ لِتَعِيْشَهَا بِنُدْبَةٍ فِي مُحَيَّاكَ.
العَلَامَةُ الّتِي تُزَيِّنُ مَفْرَقَ وَعْيِكَ
تَرْبُطُ مَلَامِحَكَ بِخَيْطٍ سِرِّيْ مِنَ الأَلَمِ
العَلَامَةُ النَّافِرَةُ التِي تُشْبِهُ لَطْعَةَ الدُّودَةِ
تَنْمُو وَتَتَمَدَّدُ هُنَا عَلَى جِلْدِكَ
تَحْتَلُ مِسَاحَاتٍ جَدِيْدَةٍ مِنْ خَيَالِكَ.
تِلْكَ العَلَامَةُ سَتُصْبِحُ جَرَسَ إِنْذَارٍ يُطْلِقُهُ الغُرَبَاءُ
كُلَّمَا سَقَطَ مِنْكَ شَيءٌ أَوْ فَقَدْتَ شَيْئاً
أَوْ تَسَرَّبَتْ كَائِنَاتُكَ الأَلِيْفَةُ المُحَبَّبَةُ
مِنْ ثُقْبٍ فِي ذَاكِرَتِكَ.
شاعر من مصر
اللوحة للفنان المغربي فؤاد شردودي